تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: قالت ه... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .سبق أن المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين ذكر بابًا مفيدًا في باب ما يجوز من الغيبة، وذكر من ذلك عدة مسائل س...
العالم
طريقة البحث
شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: قالت هند امرأة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم ؟ قال: ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ). متفق عليه. عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أنبئكم ما العضه ؟ هي النميمة، القالة بين الناس ). رواه مسلم.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
سبق أن المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين ذكر بابًا مفيدًا في باب ما يجوز من الغيبة، وذكر من ذلك عدة مسائل ستة مسائل ذكر لها أدلة سبق الكلام عليها، ومن ذلك التظلم يعني إذا تظلم إنسان عند ولي الأمر من شخص ظلمه فإن ذلك لا بأس به لأن حقه لن يتمكن منه إلا بذلك، والدليل على هذا حديث هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: " يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح " يعني: بخيل " لا يعطيني ما يكفيني وولدي بالمعروف " فوصفته بأنه شحيح وهذا وصف ذم يكرهه الإنسان، لكن لماذا قالت ذلك تظلمًا من أجل رفع الظلم عنها، وذلك أن الواجب على الإنسان أن ينفق على زوجته وعلى أولاده بالمعروف لا وكس ولا شطط لا يقصر ولا يزيد كما قال الله تعالى: { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا } وأما البخل بما يجب فهذا حرام لا يجوز، ومن وقع عليه ذلك فله أن يتظلم إلى شخص يمكن أن يأخذ الحق له، فهذه هند تظلمت عند الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يقل لها لا تقولي رجل شحيح، أقرها على ذلك لأنها تطلب حقها، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: "خذي ما يكفيك ويكفي ولدك بالمعروف" فأذن لها أن تأخذ من ماله بغير علمه ما يكفيها ويكفي ولدها ولكن بالمعروف، يعني لا تزيد على ذلك فدل هذا على مسائل، أولًا: جواز غيبة الإنسان للتظلم منه، لكن بشرط أن يكون ذلك عند من يمكن أخذ الحق لصاحبه، وأما إذا لم يكن كذلك فلا فائدة من التظلم، ومنها: أنه يجب على الإنسان أن ينفق على أهله على زوجته وولده بالمعروف، حتى لو كانت الزوجة غنية فإنه يجب على الزوج أن ينفق، ومن ذلك ما إذا كانت الزوجة تدرس وقد شرط على الزوج تمكينه من تدريسها فإنه لا حق له فيما تأخذه من راتب لا نصف ولا أكثر ولا أقل، الراتب لها ما دام قد شرط عليه عند العقد أنه لا يمنعها من التدريس فرضي بذلك، فليس له الحق أن يمنعها من التدريس وليس له الحق أن يأخذ من مكافأتها أي من راتبها شيئًا هو لها، أما إذا لم يشترط عليه أن يمكنها من التدريس ثم لما تزوج قال لا تدرسي فهنا لهما أن يصطلحا على ما يشاءا على ما يشاءان ،يعني مثلًا له أن يقول أمكنك من التدريس بشرط أن يكون لي نصف الراتب أو ثلثاه أو ثلاثة أرباعه أو ربعه أو ما أشبه هذا على ما يتفقان عليه، وأما إذا شرط عليه أن تدرس وقبل فليس له الحق أن يمنعها وليس له الحق أن يأخذ من راتبها شيئًا، ومن فوائد هذا الحديث أيضًا أنه يجوز لمن له النفقة على شخص وامتنع من عليه النفقة من بذل النفقة أن يأخذ من ماله بقدر النفقة، سواء علم أم لم يعلم وسواء أذن أم لم يأذن فللمرأة مثلًا أن تأخذ من جيب زوجها ما يكفيها ويكفي أولادها، وكذلك أيضًا تأخذ من شنطته من صندوقه ما يكفيها ويكفي أولادها، سواء علم أم لم يعلم، فإن قال قائل: إذا كان لي حق على إنسان وجحده وأنكر وقدرت على أخذ شيء من ماله فهل يجوز أن آخذ مقدار حقي من ماله، يعني مثلًا إنسان عنده لي مئة ريال وجحدها قال ما لك عندي شيء فهل إذا قدرت على شيء من ماله يجوز أن آخذ مقابل مئة ريال؟ الجواب: لا، لا يجوز، والفرق بين هذا وبين النفقة أن النفقة لإنقاذ النفس وسببها ظاهر كل يعرف أن هذه زوجة فلان وأن الزوجة لها نفقة بخلاف الدَّين فإنه أمر خفي لا يطلع عليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" فهذا هو القول الراجح في هذه المسألة، ويعبر عنها عند العلماء بمسألة الظفر يعني من ظفر بماله من له حق عليه هل يأخذ منه أم لا؟ والجواب: التفصيل أنه إذا كان في مقابل النفقة الواجبة فلا بأس، وأما إذا كان في مقابل دَين واجب فإنه لا يجوز لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تخن من خانك" والله الموفق.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب تحريم النميمة: " عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أنبئكم ما العضه هي النميمة القالة بين الناس" رواه مسلم ".

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب تحريم النميمة فيما نقله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "ألا أنبئكم ما العضه هي النميمة القالة بين الناس" هذا من الأساليب أساليب التعليم الجيدة، وهي أن يلقي المعلّم أن يلقي السؤال على المخاطبين للتنبيه حتى يستثير أفهامهم ويرعوا الكلام انتباههم "ألا أنبئكم ما العضه" والنبأ والخبر في اللغة العربية معناهما واحد، والعضه من القطع والتمزيق من القطع والتمزيق ومنه قوله تعالى: { الذين جعلوا القرآن عضين } يعني قطعًا وأجزاء يؤمنون ببعضه ويكفرون ببعضه، فما هي العضه المفرّقة للأمة الممزقة لهم قال هي النميمة، أن ينقل الإنسان كلام الناس بعضهم في بعض كلام الناس بعضهم في بعض من أجل الإفساد بينهم، وهي من كبائر الذنوب، وقد كشف للنبي صلى الله عليه وسلم عن رجلين يعذبان في قبورهما وأخبر أن أحدهما كان يمشي بالنميمة، وذلك أن بعض الناس والعياذ بالله يفتن فيكون شغوفًا بنقل الكلام كلام الناس بعضهم في بعض يتزين بها عند الناس، يأتي لفلان يقول فلان يقول فيك كذا وكذا قد يكون صادقًا وقد يكون كاذبًا حتى وإن كان صادقًا فإنه حرام ومن كبائر الذنوب، وقد نهى الله تعالى أن يطاع مثل هذا الرجل فقال: { ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشاء بنميم } وقال بعض أهل العلم: " من نمّ إليك الحديث نمّه منك " يعني من نقل كلام الناس فيه فإنه ينقل كلامك أنت فاحذره ولا تطعه ولا تلتفت إليه، وفي هذا دليل على حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يأتي بالأساليب التي يكون فيها انتباه المخاطب ولاسيما إذا رأى من المخاطب غفلة، فإنه ينبغي أن يأتي بالأسلوب الذي ينبهه، لأن المقصود من الخطاب هو الفهم والاستيعاب والحفظ فيأتي الإنسان بالأساليب المفيدة في ذلك.

Webiste