تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث : ( إذا خطب أحدكم المرأة فإن استط... - ابن عثيمينالشيخ : ففي هذا الحديث فوائد: أولاً: أنه ينبغي للإنسان أن ينظر إلى المخطوبة وهو بناءً على أن اللام للإرشاد والطلب، وهذا هو الراجح أنه للإرشاد والطلب وأن...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث : ( إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها ... ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ففي هذا الحديث فوائد: أولاً: أنه ينبغي للإنسان أن ينظر إلى المخطوبة وهو بناءً على أن اللام للإرشاد والطلب، وهذا هو الراجح أنه للإرشاد والطلب وأنه ينبغي أن ينظر إلى مخطوبته، ولكن هذا الإطلاق مقيد بأمور.
الأول: ألا يكون بخلوة فإن كان بخلوة فهو حرام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم .
الثاني: أن يكون عازماً على الخطبة والتقدم، فإن لم يكن عازما فلا يفعل، وذلك لأن الأصل تحريم نظر المرأة خولف فيمن أراد الخطبة من أجل المصلحة المترتبة على ذلك، فإذا كان غير عازم فإنه لا يجوز له أن يفعل.
الثالث: أن يغلب على ظنه إجابتُه، يعني يغلب على ظنه أنه إذا خطب أجيب، فإن كان يغلب على ظنه العكس فإنه لا يجوز له النظر، لماذا؟ لأن النظر هنا لا فائدة منه، إذ أن الفائدة هي أن يقدم على طلب المرأة ثم يجاب، فإذا علم أنه لن يجاب إلى ذلك فإنه لا يجوز، مثاله: ما اشتهر عند القبائل، ولاسيما القبائل البدوية أنه لا يمكن أن يزوجوا شخصاً غير قبلي، فهنا لو أراد أن يخطب ابنتهم فإنه لا يجوز أن ينظر، لماذا؟ لأنه يغلب على ظنه عدم الإجابة، ومثل ذلك ما يفعله بعض من يدعون أنهم أشراف وأنهم من سلالة النبي صلى الله عليه وسلم لا يزوجون أحدًا من غيرهم وهذا لا شك أنه خطأ عظيم، وأنهم بذلك جاهلون، ولكنهم مع هذا يصممون على ألا يزوجوا إلا من يكون شريفاً، فهذا أيضاً لو تقدم أحد ليس بشريف فإنه لا يجوز أن ينظر، لأن الغالب على الظن أنهم لا يجيبونه.
الرابع: ألا يتمتع بالنظر إلى المرأة المخطوبة، وبناء على هذا الشرط يكون النظر مقدراً بقدر الحاجة، فإذا اقتنع من رؤيتها ودخلت خاطره فليكف، وذلك لأن ما أبيح للحاجة فإنه يتقدر بقدرها ولا يجوز أن يزيد عليها، والتمتع بالنظر إليها يفضي إلى الاستمرار في النظر.
قال العلماء الشرط الخامس: أن يأمن ثوران الشهوة، فإن كان لا يأمن فلا يجوز النظر، وفي هذا الشرط شيء من النظر، لان الإنسان لا يأمن كل إنسان يتقدم إلى امرأة يخطبها قد لا يأمن، صحيح أن يقال: إذا أحس بالشهوة وجب الكف هذا صحيح ، وأما أن يأمن ثورانها فهذا شيء قد لا يتحقق، لكن متى أحس وجب عليه الكف لخوف الفتنة، إذا تمت الشروط جاز النظر.
وهل يشترط أن تكون عالمة بحضور الخاطب أو لا؟ لا يشترط، فلو نظر إليها بدون أن تشعر به فلا بأس، ولكن لو كانت عالمة فهل يجوز أن تأتى إليه قصداً أو لا؟ الظاهر أنه في الزمن الأول لا يمكن هذا لقوله: فإن استطاع أن ينظر ، وهو إلى عهد قريب غير ممكن إطلاقًا، ولا أحد يفكر بأن مخطوبته تأتي إليه عن قصد وعمد، لكن الآن توسع الناس في هذا وصارت المرأة المخطوبة تأتي إلى خاطبها عن قصد وعمد وأظن هذا لابأس به إن شاء الله.
ولكن هل يجوز أن يتحدث إليها حديثاً طويلاً أو لا؟ الظاهر أنه لا يجوز أيضاً أن يتحدث إليها حديثًا طويلاً، لأن المقصود هو الاستعلام فقط، فإذا حدثها بحديث قصير بحيث يعرف صوتها مثلاً ويعرف كلامها ، فإن ذلك كاف أما أن يتحدث إليها حديثًا طويلاً فإنها أجنبية منه فلا يتحدث إليها
وكذلك من باب أولى ألا يتحدث إليها عن طريق الهاتف، لأن الغالب أنه لا يخلو من متعة أن هذا الحديث لا يخلو من متعة سواء كان متعة في الحديث أو متعة شهوة، وكثير من الناس يتحدثون إلى مخطوباتهم ربما يبقون الليل كله كما يسألون أحياناً عن هذا يمر عليه الليل كله وهو لا يشعر به، لماذا؟ لقوة تعلق قلبه بهذه المحادثة وهذا لا شك يدل على أنه يتمتع بالمحادثة، إذن سد الباب أولى، يقال الآن أنت عرفتها واقتنعت بها وخطبتها وقبلت فلا حاجة إلى الحديث، فإذا قال: أنا لا أستطيع أن أملك نفسي كما يقولون هذا يقول: لا أستطيع أنا إذا ما فعلت هذا ما نمت بالليل، نقول: اعقد المسألة بسيطة، وإذا عقدت تحدث معها كل الليل ما في مانع هذا هو الدواء، أما أن يقول والله أنا لا يمكن ولا أستطيع ويضيق صدري إذا لم أفعل فإننا لا نمكنه لأنها في الحقيقة أجنبية منه ما دام لم يعقد عليها فهي ومن في السوق سواء لا فرق فهل يمكن لأحد أن يمسك امرأة في السوق يتحدث إليها هذا الحديث؟ لا يمكن، إذن هذه مثلها تماماً.
طيب إذن من فوائد هذا الحديث: سمو الشريعة الإسلامية، حيث يطلب من الإنسان ألا يدخل في أمر إلا على بصيرة.
ومن فوائده أيضاً: سد باب القلق والندم على الإنسان، وهذا من منهج الإسلام القويم أن الإنسان لا ينبغي له أن يفتح على نفسه باب القلق والندم، لأن ذلك يزعجه ويفسد عليه حياته وربما يفسد عليه دينه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام فيمن أصابه ما يكره بعد فعل الأسباب قال : لا تقل: لو فإن لو تفتح عمل الشيطان من الندم والحزن.
وهذا الحديث: يدل على ذلك على أنه ينبغي على الإنسان أن يسد باب الحزن والندم عن نفسه، وذلك أنه إذا خطبها عن علم وبصيرة زال عنه الندم.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يحرم النظر إلى النساء لقوله : إذا خطب أحدكم امرأة ولو كان النظر إلى النساء جائزا وكان من عادة نساء الصحابة لكان الإنسان يستطيع أن ينظر سواء كان خاطباً أو غير خاطب وهو كذلك، وهذا من الأدلة التي يُستدل بها على وجوب تحجب المرأة عن الرجال الأجانب.

Webiste