تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فضيلة الشيخ قلت في كتابك صفة صلاة الرسول: " أن... - الالبانيالسائل : فضيلة الشيخ قلت في كتابك * صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم * : " أن وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى بعد الرفع من الركوع بدعة "، والبعض من ال...
العالم
طريقة البحث
فضيلة الشيخ قلت في كتابك صفة صلاة الرسول: " أن وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى بعد الرفع من الركوع بدعة "، والبعض من العلماء يقول إنه سنة، أرجو توضيح ذلك ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : فضيلة الشيخ قلت في كتابك * صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم * : " أن وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى بعد الرفع من الركوع بدعة "، والبعض من العلماء يقول إنه سنة وذلك مستدلًا بحديث وائل بن حُجر رضي الله عنه، وحديث سهل بن سعد رضي الله عنه أرجو توضيح ذلك ؟

الشيخ : الجواب: ولكلٍ وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ، وهذا البحث في الحقيقة يحتاج إلى تطويل وإلى تذكير بقاعدة وهي: " أنَّ كلَّ نصٍّ عام يشمل أكثر من جزء واحد ثم لم يأت العمل بجزء من هذا الجزء العام، فذلك مما لا يسوِّغ ... "، أنَّ حديث وائل بن حجر الذي يستدل بعض الأفاضل به على شرعية الوضع بعد رفع الرأس من الركوع هو من هذا القبيل، حيث كان نصه: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى فقوله: إذا قام في الصلاة يشمل كل قيام سواء كان القيام الأول أو القيام الثاني الذي بعد الركوع، ولكن هل ثبت عمليًّا أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يضع يده اليمنى على اليسرى بعد رفع رأسه من الركوع بنص خاص لا بنص عام، كما ثبت وضعه الأول بنص خاص ؟!
الجواب: لا وجود لهذا النص إطلاقًا، فالاستدلال بالعموم حينذاك فيه نظر واضح عندي.
أنا أضرب لكم مثالًا كيف لا يصح الاستدلال بالنص العام على جزء لم يجر العمل به:
إذا دخل جماعة المسجد بوقت الظهر مثلاً وأراد كل منهم أن يصلي سنة الوقت السنة القبلية، ومعلوم حتى اليوم أنَّ السنن تُصلى فرادًا، فبدا لأحدهم أن يجمع هؤلاء المتفرقين لما دخلوا المسجد وكل واحد انتحى ناحية يريد أن يصلي سنة الظهر القبلية، فقال: يا إخواننا تعالوا فلنصل جماعة، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: يد الله مع الجماعة نصٌّ عام، بل قال عليه الصلاة والسلام: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الثلاثة أزكى من صلاة الرجلين ، وهكذا إلى آخر الحديث، هل يكون استدلاله صحيحًا ؟
أنا أدري أنْ لا أحد يقول أن استدلاله صحيح، بل هذا استدلال خطأ إن لم أقل: خاطئ، ما دليل الخطأ ؟
الدليل أنّ هذا الاستدلال هو من باب الاستدلال بالنص العام على جزءٍ لم يجر عمل المسلمين عليه، لا أعني المسلمين المتأخرين لأنهم يعملون ببدع كثيرة وكثيرة جدًّا ومستندهم في هذه البدع يُشبه هذا الاستدلال تمامًا، فأنتم تعلمون مثلاً في بعض البلاد العربية حتى اليوم يُزاد في الأذان في أوله وفي آخره، ما يسمونه بالتذكير بين يدي الأذان وبخاصة يوم الجمعة، وبالزيادة بعد الأذان الصلاة على الرسول عليه السلام.

السائل : جهرًا تقصد ؟

الشيخ : مش مهم جهرًا أو سرًّا المهم أنها زيادة، -والجهر مفهوم وهو يؤذن، لأن هذا يفتح لنا بابًا آخر لا أريد الولوج فيه وبخاصة جاء التنبيه أنك تشرح وتطيل النفس والكلام والإخوان عندهم أسئلة كثيرة-.
لكن أنا أقول: أنتم تسألون أسئلة ما تتحمل الإيجاز، لأن هذا السؤال أنا أقول: قلت هذا في الكتاب فارجعوا إليه وانتهى الأمر، تحتاجون إلى تفصيل، وهذا الأخ يقول: إنه في جواب على هذا لكن هل هذا يُقنع الحاضرين ؟
فالشاهد أن هذا المثال يحب أن تتفقهوا فيه فعلاً، لأنه هام جدًّا:
صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاة الرجل وحده ، لماذا لا نصلي السنن جماعة ؟
لأن الرسول لم يفعل ذلك، إذن إذا أردنا أن نثبت شرعية جزء معين كهذا المثال صلاة السنن جماعة ما دام أنه لم يجر العمل ولم يأت نص يبين شرعية هذا العمل بخصوصه فالاستدلال بالعموم لا يصح والحالة هذه، لأننا نقول: لو كان هذا الاستدلال صحيحًا لفُعل، فكيف جرى عمل المسلمين في القرون الأولى -ونحن نحتج بالقرون الأولى فقط- كيف جرى عمل المسلمين دون تطبيق لازم هذا الاستدلال، لازم هذا الاستدلال أن نصلي السنن الراتبة القبلية والبعدية جماعة لأن الرسول قال: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته إلى آخر الحديث، إذن ليس الاستدلال بالنص العام في موضوع خاص بالذي يسوغ هذا الموضوع الخاص إذا لم يكن عندنا عليه دليل خاص، وهذا بحث يطول، أرجع الآن لأقول:
حديث وائل بن حجر: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام للصلاة :
أولًا: نلاحظ أن هذا العموم ليس قد صدر من الرسول، خلاف قوله عليه السلام السابق: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته فهومن قوله، أما هذا الحديث حديث وائل بن حجر هو من قول وائل وليس من قول الرسول عليه السلام، وما الذي أعنيه بهذا التفصيل ؟
أعني أنّ من دون الرسول ليس دقيقًا في تعبيره عن حادثة ما أو عن حكم ما ليس هو في دقة إخبار الرسول وتعبير الرسول عليه السلام، فالآن قد يرد سؤال:
لما قال وائل ابن حجر: كان رسول الله إذا قام في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى تُرى هل كان في ذهنه أن هناك وضع ثانٍ هو بعد الركوع ؟
هذه مسألة تحتاج إلى إعمال الفكر، فإذا رجعنا إلى بعض روايات وائل بن حُجر هذا انكشف لنا الجواب بوضوح، وذلك في * صحيح مسلم * حيث وصفَ صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وائلٌ هذا نفسه قال: إنه لما صلى الرسول عليه السلام رفع يديه وكبر ووضع اليمنى على اليسرى -هذا ملخص الحديث- ووضع اليمنى على اليسرى، ثم لما ركع رفع يديه وقال الله أكبر، ثم رفع رأسه من الركوع فرفع يديه كما فعل من قبل، وقال: الله أكبر، ثم رفع رأسه من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم سجد، وقال: الله أكبر وهكذا وصف صلاة الرسول عليه السلام، في هذا التفصيل لصلاته صلى الله عليه وآله وسلم نجده يُكرِّر قوله: بأن النبي صلى الله عليه وسلم كبر ورفع يديه مثلما فعل من قبل، لكن لما ذكر الوضع الأول وذكر أنه لما رفع رأسه من الركوع وقال: سمع الله لمن حمده لم يذكر هذا الوضع الثاني، وعلى ذلك جاءت الأحاديث كلها، لا يوجد ولا حديث واحد عن صحابي يُنبئنا بأنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضع يده اليمنى على اليسرى في رفع الرأس من الركوع، ليس هناك إلا استدلالات بالعمومات، وإذا عرفنا القاعدة السابقة أن الاستدلال بالعام في موضع في جزء معين ليس عندنا أنه جرى العمل عليه فعلًا، هذا استدلال يفتح علينا كثيرًا من البدع التي لا قِبَل لنا بردها إلا بهذا الطريق الذي ذكرته آنفًا، " جزء من أجزاء النص العام لم يجر العمل عليه هو خلاف السنة "، هذا ما يمكن أن يقال الآن.

Webiste