والله! لابد أن تعرف أن الشهادة لا بد فيها من العلم: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف:٨٦] لا بد أن يعرف الشاهد أن من شهد بحق لا بد أن يعلم, يعني الآن: لو أن رجلين أمامك ادعى أحدهما على الآخر مائة ريال, وأنكر الثاني, أنا أعلم أن المدعي صادق رجل عنده دين وأمانة وورع, وأن الآخر المنكر رجل خفيف الدين ولا يبالي أن ينكر ما يجب عليه, الآن أنا أعرف أن المدعي مصيب, أليس كذلك؟ هل لي أن أشهد؟ أنا أعرف أن الحق مع المدعي لأنه رجل ورع ودين, ولا يمكن أن يدعي ما ليس له, لكن هل لي أن أشهد بهذا الحق الذي أعتقده حقاً وأنا لا أعلم؟! لا أشهد، إذاً: لا يجوز لأي إنسان أن يشهد إلا بما علم أنه حق, حتى لو علم أن هذا حق لمقتضى حال المدعي لا يجوز أن يشهد, إلا إذا علم القضية بنفسه.
على كل حال أنا أعلمتك الآن, فلا يجوز للشهود أن يشهدوا إلا بما علموا بأنفسهم مباشرة, ولا يجوز للقاضي أيضاً أن يكتب شهادتهما وهو يعلم أنهما لم يشهدا القضية.