تم نسخ النصتم نسخ العنوان
في بعض الأحيان يغيب الإمام عن المسجد فهل يحق... - ابن عثيمينالسائل : إمام المسجد هو كفيله وأحيانا يغيب في الشهر خمسة أيام أو عشرة متصلة أو متفرقة وكذلك في الصلوات اليومية ، فهل يحق للإمام أن يتقاضى راتباً كاملاً ...
العالم
طريقة البحث
في بعض الأحيان يغيب الإمام عن المسجد فهل يحق للإمام أن يتقاضى الراتب كاملا دون أن يعطي المؤذن الذي ينوب عنه و هو مكفول من طرفه علما بأن المؤذن غير راض بإمامته للناس في هذه الأيام بدون أجر ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : إمام المسجد هو كفيله وأحيانا يغيب في الشهر خمسة أيام أو عشرة متصلة أو متفرقة وكذلك في الصلوات اليومية ، فهل يحق للإمام أن يتقاضى راتباً كاملاً بدون أن يعطي المؤذن شيئاً مع العلم بأن المؤذن غير راضٍ عن إمامته للناس في كل هذه الأيام بدون أجر وجزاكم الله خيراً ؟

الشيخ : أقول إن الإنسان إذا أمسك إمامة المسجد فعليه أن يتقي الله عز وجل وأن يقوم بهذه الوظيفة أتم قيام ، وأن يحافظ عليها وألا يتغيب عنها إلا من عذر قاهر ، لأنه نصب من قبل ولاة الأمور في هذا العمل الجليل ، فعليه أن يوفي به ، ولأنه يأخذ على هذا المكافأة من بيت المال ، فإذا أخل به لم يستحق المكافأة بل لا يستحق منها إلا ما قام به فقط ، ثم إن توكيل هذا المكفول بالصلاة بالناس وهم لا يرضونه لا يجوز أيضا ، لأن الجماعة قد يرضون بفلان يكون إماما ولا يرضون بالآخر ، والذي وضع من قبل ولاة الأمور أمام هؤلاء الناس إنما هو الإمام الذي كان يتغيب ، فنصيحتي لهذا الإمام ولأمثاله ممن يتهاونون بهذه الأمور أن يتقوا الله عز وجل ، وأن يؤدوا الأمانة فيما التزموا به لولاة الأمور لأن الله تعالى يقول : وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا .
أما بالنسبة للأذان فكذلك أيضا لا يؤذن هذا المكفول إلا بعد موافقة المسؤولين عن المساجد وبرضا جماعة المسجد ، لأن من ارتضي أن يكون مؤذنا قد لا يرتضى أحد بدله ، فلا بد من مراجعة الجهات المسؤولة .
ومن العجب أن قوما ظاهرهم الصلاح ويعتزون بأنهم صلحاء يأخذ إمامة المسجد ثم يكلها إلى رجل أجنبي مستخدم عنده أو مستخدم عند غيره ويعطيه من الراتب جزءا يسيرا ويأخذ البقية وهو لم يصل ، وهذا خيانة للأمانة وأكل للمال بالباطل ، ولا يحل لا للإمام ولا لمن جعل إماما أن يتقدم للمسجد ، وإذا كان الإمام لا يستطيع المواظبة على الإمامة فليدعها لغيره ، أما أن يحتجرها ويجعل شخصا آخر يقوم بها بربع الراتب أو أقل ويأخذ الباقي له ، بأي شيءٍ استحق هذا المال ؟. باللعب والذهاب يمينا وشمالا ؟ أما يتقي الله؟ أما يخشى أن ترد دعوته بسبب أكل هذا المال المحرم ؟ .
فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى : يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ . هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء : يا رب يا رب! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك .
فكيف تطيب نفس عاقل مؤمن أن يأكل المال بهذه الطريقة ، بوسيلة دينية وهو لا يقوم بها ، وعلى مراقبي شؤون المساجد أن يتفقدوا المساجد وأن يخرجوا هؤلاء الأئمة الذين التزموا بالإمامة أمام المسؤولين ولكنهم لا يقومون بها أن ينتشلوهم من الظلم لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : انصر أخاك ظالما أو مظلوماً قالوا: يا رسول الله! هذا المظلوم ننصره لكن كيف ننصر الظالم؟ قال: تمنعه من الظلم، فذلك نصرك إياه .
ومن ذلك أيضا أن قوما يأخذون المكافأة على فرش المسجد ثم يوكلون هذا إلى مستخدم يعطونه بعض المكافأة والباقي لهم ، من الذي أحل لهم هذا ؟ .
لكن هذه المسالة أهون لأن هذه المسألة يمكن أن يكون هذا الذي قام بالفراشة يمكن أن يكون خادما عند الذي تكفل بها أمام المسؤولين فيكون هذا جائزا ، لأن هذا المستخدم خادم عند هذا الرجل فسواء خدمه بالبيت أو خدمه في المسجد قياما بما يجب على من استخدمه فهو أهون .
لكن أما أن يأتي بخادم خارج ليس عليه سلطه ولكنه يتفق معه على أن يقوم بفراشة المسجد على أن يعطيه شيئا من المكافأة والباقي له فهذا أكل للمال بالباطل ، لأن أخذ المال بلا عوض أكل للمال بالباطل ، هذا الضابط ، لو فرضنا أن الجهات المسؤولة في هذه المسألة الأخيرة مسألة الفراشة ، قالوا : لا يهمنا نحن نوافق المهم أن يكون المسجد نظيفا يلاحظ سواء من الرجل الذي يأخذ المكافأة أم من غيره ، فهذا قد يقال إنه لا بأس به مع أن في نفسي من ذلك حرجا ، إذ كيف يأخذ من المكافأة وهو لم يعمل شيئا ، فنسأل الله تعالى أن يقينا شح أنفسنا وأن يعيننا على أداء الأمانة ، وأن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه.

السائل : اللهم آمين بارك الله فيكم فضيلة الشيخ وعظم الله مثوبتكم.

Webiste