تم نسخ النصتم نسخ العنوان
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله... - ابن عثيمينالشيخ : ثم قال المؤلف رحمه الله : " وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، و...
العالم
طريقة البحث
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة , والصلاة القائمة , آت محمد الوسيلة والفضيلة , وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته , حلت له شفاعتي يوم القيامة ) . أخرجه الأربعة .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ثم قال المؤلف رحمه الله : " وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمد الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة" . أخرجه الأربعة " قوله صلى الله عليه وسلم : "من قال حين يسمع النداء" أي : حين يسمع النداء كاملا ليس حين يسمع أوله كما جاء مفسرا في حديث آخر أن "من قال مثل ما يقول المؤذن ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم سأل الله الوسيلة للرسول عليه الصلاة والسلام حلت له الشفاعة" فيقول : "حين يسمع النداء" أي : حين يسمعه كاملا "اللهم رب هذه الدعوة التامة" ما أكثر أن تأتي اللهم في الدعاء قال أهل النحو : وأصلها يا الله أصلها يا الله فحذفت يا النداء تبركا بسبق الاسم الأعظم الله ثم عوض عنها بالميم لأن الميم تدل على الجمع كأن من ينادي الله عز وجل قد جمع قلبه ولسانه على هذا الدعاء يعني ما جاءت بدل الميم كاف أو قاف أو فاء جاءت الميم لأن الميم تدل على الجمع كما هو معروف على كل حال معناها يا الله "رب هذه الدعوة التامة" هذا عطف بيان أو بدل وإن شئت فاجعله منادى مستقلا
اللهم يا رب "هذه الدعوة التامة" ما هذه الدعوة ؟ هي الأذان دعوة تامة لأنها فيها تعظيم الله بالتكبير والشهادة له بالتوحيد والشهادة لنبيه بالرسالة والدعوة إلى الصلاة والدعوة إلى الفلاح والعود إلى التعظيم مرة ثانية ثم إلى التوحيد مرة ثانية وتختم بذلك أي دعوة أكمل من هذه ؟ أو أي دعوة مثل هذه الدعوة ؟ الدعوة أيها الناس صلوا هذه دعوة لكن لو قارنت بينها وبين الأذان لوجدت أن الأذان دعوة تامة إذًا هذه الدعوة يعني الأذان وقوله : "رب هذه الدعوة" وما وجه كونه عز وجل ربا لهذه الدعوة ؟ لأنه الذي شرعها ولأنها صدرت من مخلوق الله ربه و"التامة" كما ذكرنا هي تامة من كل وجه في صيغها وفي عددها وفي كل ما تضمنته "والصلاة القائمة" الصلاة القائمة معناها التي ستقام هكذا ذكر بعض أهل العلم ووجه قوله أن هذا الأذان لصلاة ماضية أو بعد يومين أو ثلاثة ؟ نعم الصلاة القائمة التي ستقام قريبا فعبر بالوصف الدال على الحال لقرب الأذان من الصلاة لقرب الإقامة من الصلاة لأن الإقامة للصلاة وكذلك الأذان للصلاة فالأذان قريب والإقامة قريبة لكن الإقامة لا يقال فيها هذا الذكر كما سيتبين إن شاء الله والصلاة القائمة يعني التي ستقام ويحتمل أن يكون معنى الصلاة القائمة أي : ذات الاستقامة والتمام حتى يتطابق مع قوله : "رب هذه الدعوة التامة" لأن القائمة بمعنى القيمة المستقيمة المشتملة على روضات من رياض الذكر والهيئة والدعاء الصلاة سبحان الله لا يوجد عبادة تشتمل على ما تشتمل عليه الصلاة رياض متنوعة من العبادات قيام وركوع وسجود جلوس هيئات حركات باليد أيضا أقوالها : قرآن تسبيح تعظيم دعاء فهي روضة مشتملة على أنواع كثيرة من الرياضات نعم من الرياضات أي : رياضات العبادة فصارت كلمة "القائمة" لها معنيان المعنى الأول : التي ستقام لأن الأذان لها والمعنى الثاني : القائمة أي : ذات القيام بمعنى المستقيمة التامة لما تشتمل عليه من أنواع الذكر وأنواع العبادة "آت محمدا الوسيلة والفضيلة" آت بمعنى : أعط وائت بمعنى ائت طيب ائت زيدا بمعنى اذهب إليه لكن "آت محمدًا" أعطه آت محمدا وهذه خذها قاعدة : الهمز بالمد بمعنى الإعطاء { آتى المال على حبه ذوي القربى } وبالقصر بمعنى المجيء أتى زيد أي : جاء نعم آت أي : أعط "محمدا الوسيلة" هذا العلم علم على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وله أعلام متعددة لكثرة أوصافه الطيبة فله من كل وصف علم قال حسان بن ثابت رضي الله عنه :
" وشق له من اسمه ليجله *** فذو العرش محمود وهذا محمد "
ولما علم المشركون أن كلمة محمد تعني الثناء والتحميد صاروا يسمونه بمذمم والعياذ له والذم لهم إذًا محمد علم على رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله وله أسماء أعلام كثيرة لكثرة أوصافه الحميدة "آت محمدا الوسيلة والفضيلة" الوسيلة بينها الرسول عليه الصلاة والسلام بأنها درجة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله قال : "وأرجو أن أكون أنا هو" إذًا هي درجة عالية أعلى درجات الجنة لأنه استحقها من ؟ أعلى درجات الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله : "آت محمدا الوسيلة والفضيلة" وقوله : "الفضيلة" الفضيلة الفضل في ذاته الفضل في ذاته لأن علو المكان قد يكون لمن لا يستحق في ذاته وفي فضله فأنت تسأل الله الوسيلة المنزلة العليا والفضيلة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيجمع بين علو المكانة وعلو المكان والفضيلة "وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته" ابعثه يعني يوم القيامة "مقاما محمودا" أي : مقاما يحمد عليه ولم يعين الحامد إشارة إلى أن كل أحد يحمده صلوات الله وسلامه عليه ومنه أي : من المقام المحمود الشفاعة العظمى التي لا يتقدم إليها أولو العزم من الرسل لأن الناس يوم القيامة خبر الصدق علم اليقين يحشرون في مكان واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر حفاة عراة غرلا لا ماء ولا ظل ولا أكل ولا لباس شاخصة أبصارهم ويلحقهم من الغم والكرب ما لا يطيقون حتى إن الإنسان ينسى قريبه { فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } ما يتساءلون وين ولدي ؟ وين أخوي ؟ وين عمي ؟ وين أبوي ؟ ما يتساءلون بل يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه الرجال والنساء ولما قالت عائشة : "واسوأتاه الرجال والنساء في صعيد واحد قال النبي صلى الله عليه وسلم : الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك" يتساءل الناس من ينجيهم من هذا الكرب فيلهمون أن يأتوا إلى آدم أبي البشر فيسألونه الشفاعة فيعتذر فيذهبون إلى نوح فيعتذر إلى إبراهيم فيعتذر إلى موسى فيعتذر كل منهم يرى أنه فعل فعلا لا يتناسب لا يناسب أن يكون شفيعا من أجله من أجل هذا الفعل آدم يقول : إنه أكل من الشجرة التي نهي عنها نوح يقول : إنه سأل ما ليس له به علم إبراهيم يقول : إنه كذب ثلاث كذبات موسى يقول : إنه قتل نفسا لم يؤمر بقتلها عيسى لا يذكر شيئا يحول بينه وبين الشفاعة ولكنه يحيلهم على محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أشرف الناس فيقول : اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتون إلى محمد عليه الصلاة والسلام يسألونه الشفاعة عند رب العالمين فيشفع إلى الله عز وجل فيجيب الله تعالى شفاعتهم ويقضي بين العباد فيريحهم من هذا الموقف إذًا هذا الموقف يحمده فيه من ؟ الأولون والآخرون لأنه خلص الناس من كرب عظيم هذا من المقام المحمود الذي قال الله تعالى فيه : { عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا }
ولهذا قال : "الذي وعدته" "الذي وعدته" في قوله : { عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا } فإذا قال قائل : أهذا وعد ؟ قلنا : نعم كما قال بعض السلف : " عسى من الله واجبة " إذًا فهو وعد، والذي علمنا هذا الدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فنستفيد من هذا أن عسى من الله وعد فإذا قرأنا قول الله تعالى : { إلا المستضعفين من الرجال والنساء والوالدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا * فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم } ماذا نقول ؟ هذا وعد أو غير وعد ؟ وعد وعد ولا بد أن يقع في آخره "إنك لا تخلف الميعاد" وهذه الجملة اختلف فيها المحدثون أصحيحة هي أم لا ؟ صححها شيخنا عبد العزيز بن باز وناهيك به في علم الحديث فإنني لا أعلم له مثيلا في المملكة فمرة صححه ومرة حسنه وعلى كل حال فالجملة "إنك لا تخلف الميعاد" هي مطابقة تماما لما جاء في دعاء المؤمنين في القرآن : { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد } وحينئذ لا إنكار على من زادها بل يحمد من زادها .

Webiste