تم نسخ النصتم نسخ العنوان
قال الله تعالى : << فلما جآءت قيل أهكذا عرشك... - ابن عثيمين"  فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ [النمل:42] أي: أمثل هذا عرشك؟  قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ [النمل:42] أي: فعرفته ". فَلَمَّا جَاءَتْ [النمل:42] ...
العالم
طريقة البحث
قال الله تعالى : << فلما جآءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
" فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ [النمل:42] أي: أمثل هذا عرشك؟ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ [النمل:42] أي: فعرفته ".
فَلَمَّا جَاءَتْ [النمل:42] يعني: إلى سليمان، ونظرت إلى العرش قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ [النمل:42] والقائل إما سليمان أو أحد جنوده، ولم يبيَّن، لأن المقصود معنى هذا القول دون قائله.
وقوله: أَهَكَذَا عَرْشُكِ [النمل:42] الاستفهام هنا على حقيقته، والمراد به: الاستخبار. والهاء للتنبيه، والكاف حرف جر، حالت بين هاء التنبيه واسم الإشارة، مع أن هاء التنبيه تقترن باسم الإشارة، لكن الكاف تحول بينها وبين اسم الإشارة لمباشرة حرف الجر للمجرور، أَهَكَذَا عَرْشُكِ [النمل:42] ولكن أيضاً هو خاص بالكاف، لو أنك أتيت بحرف جر سوى الكاف ما جاز أن تفصل بينه وبين اسم الإشارة. لو قلت مثلاً: ألهذا حضرت؟ ما يصح تقول: أهلذا حضرت، ما يصلح، يعني: ما يفصل بين اسم الإشارة وبين هاء التنبيه بأي حرف من حروف الجر إلا بالكاف فقط. إذاً نقول: أَهَكَذَا عَرْشُكِ [النمل:42] الجار والمجرور خبر مقدم. وعرشك: مبتدأ مؤخر، وتقديم الخبر هنا جائز وإلا واجب؟
الطالب: واجب.

الشيخ : واجب لأجل الاستفهام، لأن له الصدارة. وهنا ما قالوا: أهذا عرشك، بل قالوا: أهكذا عرشكِ؟ يعني: هل عرشكِ مثل هذا؟ هو أجابت بمثل ما سئلت عنه فقالت: كَأَنَّهُ هُوَ [النمل:42] وكأن للتشبيه، ولم تقل إنه هو. نعم. ولم تنف. نعم. السبب أنه مشابه لعرشها من حيث الأصل ومخالف له من حيث الصفة، لأنه غُيِّر. وهذا أيضاً من ذكائها أنها لما وقع في نفسها أنه عرشها لكن تغيرت صفته قالت: كأنه هو، والجواب مطابق للسؤال، والمؤلف سلك في هذا مسلكاً غريباً، قال: " فشبهته، أي: فعرفته وشبهت عليه كما شبهوا عليها إذ لم يقل: أهذا عرشكِ، ولو قيل هذا لقالت: نعم ". ما ..... ما ندري هل تقول نعم أو تقول كأنه هو، إنما جوابها مطابق للسؤال ومطابق لمقتضى الحال، أما مطابقته للسؤال فلأنه قيل لها: أهكذا؟ يعني: أهو مثل هذا، فكان الجواب: كأنه هو.
وأما مطابقته لمقتضى الحال، فلأن المرأة رأت أن العرش قد غُيِّر، فلم تجزم بنفيه ولم تجزم بإثباته، إن نُظِر إلى أصل الكرسي أو العرش فهو هو، وإن نُظِر إلى صفته فليس إياه، لذلك كان جوابها طيباً جداً وليس فيه تشبيه كما قال المؤلف، هذا ما فيه تشبيه.
ولو قالوا: أهذا عرشك؟ ما ندري هل تقول نعم أو تقول: كأنه هو، وجزم المؤلف بأنها تقول نعم ليس بصحيح، لأن المرأة ذكية جداً، والإنسان إذا حصل له مثل هذه الحال هل يجزم بأن ما شاهده هو ما كان يعرفه من قبل؟ ما يجزم، بل إن مقتضى الحزم والتحرز أن يقول. ويش يقول؟
الطالب: كأنه.

الشيخ : كأنه هو، هذا مقتضى الحزم، لا سيما مع القرائن التي تبعد أن يكون إياه كما في هذه القصة، فإنه عرش محوط محروس من مكان بعيد، فيبعد أن يمثل أمامها في هذه الحال. المهم يا جماعة الآن! أننا نأخذ من جوابها هذا نأخذ منه ذكاءها من وجهين:
أولاً: أنها أجابت بجواب مطابق للسؤال. هذا واحد.
وثانياً: أنها أجابت بجواب مطابق لمقتضى الحال، إذ لا ينطق بالجزم بهذا تسرع، ونفيه تباطؤ أيضاً، احتمال أن يكون إياه. قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ [النمل:42].
الطالب: ...؟

الشيخ : كأن للتشبيه.
الطالب: ...؟

الشيخ : هاه؟
الطالب: ...؟

الشيخ : لا، نقول: شبهت عليهم، يعني: لبست عليهم، ما قال شبهته.
ثم قال: " قال سليمان لما رأى لها معرفة وعلماً: وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ [النمل:42] " وجه الخطاب هذا الذي قلنا فيما سبق أنه أراد أن يتحدث سليمان بما أنعم الله به عليه من العلم، العلم يشمل العلم الشرعي، ويشمل العلم بقواعد الملك ومثبتاته، وما أشبه ذلك. يعني: كأنه أو كأن الملأ من قومه لما رأوا ما رأوا من ذكائها ومعرفتها وتحرزها وتثبتها رأوا أمراً عظيماً، فأراد سليمان صلى الله عليه وسلم أن يذكرهم بما هو أعظم من ذلك وهو ما آتاهم الله تعالى من العلم السابق والإسلام: وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ [النمل:42].
ويرى بعض المفسرين أن قوله: وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا [النمل:42] من قول المرأة، يعني: كأنه هو وأتينا العلم، وأن المسألة متصلة ...؟ من قبلها أي: من قبل هذه القضية، أي: أننا عندنا علماً من قبل هذه القضية فلا تعجب من علمنا بهذا فإن لنا علماً سابقاً، ولكن هذا الاحتمال -وإن ذُكر- ضعيف، والصواب: أن هذا من قول سليمان عليه الصلاة والسلام يتحدث فيه بنعمة الله سبحانه وتعالى عليه وعلى قومه السابق لمعرفة هذه المرأة، نعم.
الطالب: ...؟

الشيخ : نعم؟
الطالب: ...؟

الشيخ : وين؟
الطالب: قيل: أهكذا عرشك؟

Webiste