تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث :( أنس بن مالك رضي الله عنه قال :... - ابن عثيمينالشيخ : فالحديث هذا فيستفاد منه فوائد : أولا : أن غلاء السعر سبب للقلق ، أي : لقلق الناس واضطرابهم ، وهو كذلك لما فيه من ضيق القوت .ويتفرع على هذه الفائ...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث :( أنس بن مالك رضي الله عنه قال : غلا السعر في المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ...).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : فالحديث هذا فيستفاد منه فوائد :
أولا : أن غلاء السعر سبب للقلق ، أي : لقلق الناس واضطرابهم ، وهو كذلك لما فيه من ضيق القوت .
ويتفرع على هذه الفائدة : أن رُخص الأسعار فيه توسعة للناس ، وانبساط ، ولكن اعلم أن رخص الأسعار قد يكون أحيانا ضررا على آخرين ، ولكن العبرة بالعموم ، فرخص الأسعار مثلا في المنتوجات قد يتضرر به مَن ؟ المنتجون ، لكن عامة الناس ينتفعون به ، والمصالح العامة مقدمة على المصالح الخاصة ، ألا ترى إلى المطر يعتبر من رحمة الله ، ويفرح الناس به ، وقد يكون ضررا على بعض الناس ، أليس كذلك ؟
الطالب : بلى .

الشيخ : قد يكون ضررا كالمزارع لا يحب المطر لأنه قد أسقى زرعه آخر سقية وإذا أسقاه آخر سقية فربما يتضرر الزرع بما يأتي بعد ذلك من الماء ، أو يكون شخص قد بنى بنياناً ولم ييبس فإذا جاء المطر ضره وهدم بنيانه إلى غير ذلك من المسائل التي يكون فيها المطر ضررا لكنه ضرر مغتفر ، لأن قليل في جانب النفع العام ، واضح يا جماعة ؟
الطالب : نعم .

الشيخ : طيب ، من فوائد الحديث : أن الصحابة رضي الله عنهم يشكون الأمور التي تقلقهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم رجاء أن يعالجها بنفسه أو بدعاء الله سبحانه وتعالى .
الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة قال : يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا : هذا طلبَ من النبي عليه الصلاة والسلام علاج هذا الموقف بماذا ؟
الطالب : الدعاء .

الشيخ : بدعاء الله ، وهنا الصحابة طلبوا علاج الموقف بفعل النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الرسول تبرأ من ذلك.
ومن فوائد الحديث : إثبات أن الله عز وجل هو الذي بيده الأمور دون غيره لقوله : القابض الباسط الرازق ، وهذا يقوله النبي صلى الله عليه وسلم وهو أحق الناس بأن يكون له شيء من التدبير لو كان لأحد من المخلوقين شيء من التدبير ، فإذا انتفى هذا الأمر بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانتفاؤه بالنسبة لغيره من باب أولى ، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يعلق قلبه بأحد إلا بالله سبحانه وتعالى .
ومن فوائد الحديث : وصفُ الله بأنه مسعِّر ، لأن التسعير نوع من أنواع فعله سبحانه وتعالى ، فهو الذي يسعر الأشياء ويقدر قيمتها بما يقدره من الأسباب ، وقد ذكرنا أسباب الغلاء قبل قليل بأنها ثلاثة ما هي ؟ كثرة النمو ، والثاني : قلة المحصول ، والثالث : الجشع والطمع .
طيب ، ومن فوائد الحديث : وصف الله عز وجل بالقابض والباسط ، لقوله : القابض الباسط .
ومن فوائد الحديث أيضًا : وصفه بالرازق ، فهل هذه أوصاف لأنها أنواع من أفعاله أو هي أسماء ؟
يحتمل أن تكون أسماء من أسماء الله ، لأنها دخل عليها أل ، ويحتمل أن تكون أوصافا ، لأنها أنواع من الفعل فهي كالضحك والغضب والسخط والرضا وما أشبه ذلك ، فهي أنواع من الفعل فلا تكون من أسماء الله ، ولهذا لم يأت من أسماء الله ، لم يأت شيء منها في القرآن إلا بلفظ الفعل : يقبض ويبسط ، أما الرازق فجاءت في قوله تعالى : وهو خير الرازقين ، لكن الرازق هنا غيرها ، لأنه قال : خير الرازقين ، والمفضل غير المفضل عليه ، لكن جاءت في القرآن اسمًا بلفظ الرَّزاق ، وفرق بين الرَّازق والرَّزَّاق لأن الرزاق نسبة وصيغة مبالغة بخلاف الرازق .
ومن فوائد الحديث : تحريم التسعير ، لقوله : وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة ، وهذا يدل على أن التسعير ظلم لأن فيه احتكار للسعر ، فإذا سعر ولي الأمر وقال : لا يباع إلا بكذا ، هذا لا شك أن فيه احتكار ، لأن الأشياء قد ترتفع مؤنتها ويحتاج البائعون إلى زيادة الثمن ، وهذا كله بيد الله ، ولكن في هذا تفصيل :
فإن كان سبب الغلاء احتكار الناس وطمعهم ، فإن الواجب على ولي الأمر أن يسعر .
وإن كان سبب الغلاء زيادة النمو أو قلة المحصول فهذا ليس بفعل الإنسان فلا يجوز لولي الأمر أن يسعر ، وإنما عليه أن يوفر ما يحتاجه الناس إذا أمكنه ذلك ، فعلى هذا نقول -نعم قبل أن نقول هذا التفصيل- .
إذا قال قائل : ما دليلكم على أنه إذا كان سبب الغلاء احتكار الناس فإنه يجوز التسعير ؟
قلنا : دليلنا الحديث الذي بعده عن معمر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يحتكر إلا خاطئ ، وإذا كان لا يحتكر إلا خاطئ ، دل هذا على أن الاحتكار حرام ، لأن الخاطئ مرتكب الإثم عن عمد ، والمخطئ مرتكب الإثم عن غير عمد ، ولهذا يُعفى عن المخطئ ويعاقب الخاطئ ، قال الله تعالى في سورة العلق : ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئة ، وقال تعالى : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، واسم الفاعل من : أخطأنا مخطئ ، لأنه رباعي ، واسم الفاعل من خَطِئ خاطئ ، فالخاطئ آثم والمخطئ غير آثم .
إذًا المحتكر خاطئ آثم ، وإذا كان آثما وجب أن نرفع هذا الإثم ، فإذا كان سبب الغلاء احتكار الأغنياء وجب أن يسعر عليهم ، ولا يجوز أن تطلق لهم الحرية في الاحتكار .
طيب إذًا التسعير فيه إيش ؟ تفصيل إذا كان سببه احتكار الأغنياء وجب التسعير .
إذا كان سببه كثرة النماء أو قلة المحصول فإنه يحرم التسعير ، لأن هذا ليس بفعل أحد بل هو بفعل الله عز وجل .

Webiste