تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عل... - ابن عثيمينالشيخ : في هذا الحديث دليل على فائدة مهمة: وهي أن ما فعله الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو حجة سواء علمنا أنه اطلع عليه أم لم نعلم ،...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده ينتظرون ...).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : في هذا الحديث دليل على فائدة مهمة:
وهي أن ما فعله الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو حجة سواء علمنا أنه اطلع عليه أم لم نعلم ، فإن علمنا أنه اطلع عليه فواضح أنه حجة ، وجه وضوحه : إقرار النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
وإن لم نعلم أنه اطلع عليه فقد اطلع عليه الله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، وسكوت الله عنه دليل على أنه رضيه ، لأنه لو فعل أحدٌ شيئًا على وجه الاختفاء والله تعالى لا يرضاه بينه الله كما قال تعالى : يستخفون من الناس ولا يستخفون مِن الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطًا ، فدلَّ هذا على أن ما فعل في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أو قيل في عهده فهو حجة سواء علمنا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اطلع عليه أم لم نعلم وهذه فائدة مهمة.
من أمثلتها هذا الحديث ، لو قال قائل : ما الذي أعلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ما اطلع عليه ؟
نقول : إذا قدَّرنا فرضاً أنه لم يطلع فقد اطلع عليه الله .
ومن ذلك أن القول الراجح : جواز ائتمام المفترض بالمتنفل ، يعني أن يكون الإنسان يصلي نفلاً ووراءه من يصلي فرضًا ، والدليل فعل معاذ رضي الله عنه فقد كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة .
فإذا قال قائل : وهل علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك ؟ نقول : على تقدير أنه لم يطلع فقد اطلع عليه الله عز وجل وأقره، مع أنه يبعد أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يطلع على ذلك وقد حصل ما حصل من تخلف الرجل عن الصلاة مع معاذ لتطويله، ووعظ النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً ، المهم أن هذه القاعدة مفيدة جدًّا، وقد رأينا كثيرا من العلماء رحمهم الله عند الجدال في مثل هذه الأمور يقول : ومن الذي أعلمنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام اطلع ؟!
فنقول : الحمد لله إذا لم نعلم أن الرسول اطلع فقد اطلع عليه الله ، ولهذا إذا استخفى أحد بشيء لا يرضاه الله بينه الله عز وجل.
من فوائد هذا الحديث : أن عمل الصحابة حجة وهذا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لا إشكال فيه، لإقرار الله ورسوله عليه، لكن بعده هل يكون فعل الصحابة حجة ؟
الجواب : إن أجمعوا على ذلك فهو حجة، ولا شك أن إجماعهم أمر يمكن الاطلاع عليه، والمراد بالإجماع الذي يعتبر: إجماع أهل العلم، أهل الاجتهاد وهؤلاء يمكن حصرهم في عهد الصحابة رضي الله عنهم، فإذا كانوا قد أجمعوا على القول أو على الفعل فالأمر واضح أنه حجة ، وإن انفرد به أحدهم فإن انتشر وشاع مثل أن يقول أحدهم قولاً حال خطبة من الناس أو ما أشبه ذلك فهذا يرجع فيه يقال فيه : إنه كالإجماع فيكون حجة ، ومن ذلك أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حدث الناس على المنبر وذكر لهم التشهد فقال : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته كما رواه الإمام مالك في * الموطأ * بسند صحيح لا غبار عليه ، قال ذلك في مجمع الصحابة، وهو يُعلِّم الأمة الإسلامية هذا التشهد الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته ، فبهذا نقدم هذا الأثر عن عمر على قول ابن مسعود رضي الله عنه: كنا نقول السلام عليك أيها النبي وهو حي، فلما مات كنا نقول: السلام على النبي فيقال : هذا اجتهاد من ابن مسعود رضي الله عنه لكنه في مقابلة النص ، والنبي صلى الله عليه وسلم علَّم أمته أن يقولوا هذا ولم يفرق بين حياته وموته ، ولا بين الحاضرين معه في المسجد والغائب ، وما أكثر المصلين الذين يصلون مع غير النبي صلى الله عليه وسلم .
ثم إن نفس المصلين هل هم إذا قالوا : السلام عليك أيها النبي يقولونها وكأنما يقولونها إذا مروا به بحيث يتلقون منه الرد ؟
الجواب : لا، ولهذا يقولونها سرا والرسول لا يعلم بهذا، والأمر واضح في مثل هذه الأمور .
طيب إذًا إذا أجمعوا على القول فهو حجة ، إذا انفرد به أحد واشتهر ولم ينكر فهو حجة .
وإذا قال به أحد ولم يعلم أنه انتشر ، فإن كان ممن نص النبي صلى الله عليه وسلم على اتباعهم فهو حجة ، حجة بالسُّنة لا بأنهم صحابة مثل: أبي بكر وعمر فإن النبي صلى الله عليه وسلم حث على الاقتداء بهما بأعيانهما، فقال : اقتدوا باللَّذين من بعدي أبي بكر وعمر ، وقال عليه الصلاة والسلام : إن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا ، وإذا كان هذا في قضية خاصة فإنا نقول : نقيس بقية القضايا عليها ، وأن هذين الرجلين الخليفتين الراشدين أقرب إلى الصواب من غيرهما بلا شك .
وإن كان من غير من نُصَّ عليه فإن كان من فقهاء الصحابة المعروفين بالتحري وسعة العلم فقولهم حجة ، وإن كان من عامة الصحابة فقد أرى الإمام أحمد -رحمه الله- أن قول الصحابي مقدم على القياس وأنه حجة لكن في النفس من هذا شيء، لأن بعض الصحابة كرجل جاء وافداً إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وتلقى منه ما تلقى من الفقه في الدين ثم رجع إلى قومه ، فإذا قال قولا من غير ما أخذه من الرسول ففي النفس من هذا شيء أن يكون حجة على الأمة يلزمها الأخذ به.
فإذا قال قائل : لماذا جاء المؤلف بهذا الحديث ؟
نقول : أتى به إشارة إلى أن النوم اليسير لا ينقض الوضوء، فلنتكلم على النوم:
النوم ذكر فيه الشوكاني في * نيل الأوطار * ثمانية أقوال للعلماء ، لأن العلماء تنازعوا فيه بناء على اختلاف الأحاديث ، واختلاف الأحاديث والحمد لله اختلاف لفظي إذ يمكن الجمع بينها، فهل النوم ناقض للوضوء ؟
الجواب فيه خلاف ثمانية أقوال :
منهم من قال : إنه لا ينقض مطلقا، ومنهم من قال : إنه ينقض مطلقا، ومنهم من فصل في هذا، وهذا القول الأخير هو الصواب:
الصواب التفصيل في النوم ، لأن النوم نفسه ليس حدثا حتى نقول إنه ينقض قليله وكثيره كالبول والغائط، وإنما النوم مظنة الحدث، لحديث : العين وكاء السَّه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء ، فهو مظنة الحدث .
وإذا كان مظنةَ الحدث نظرنا : إذا كان نومًا مستغرقًا بمعنى أن الإنسان لو أحدث لم يحس بنفسه، فالنوم هنا ناقض لاحتمال أن يكون أحدث ولم يشعر بنفسه ، وسواء كان مضطجعا أو جالسا أو راكعا أو قائما ، على كل حال نقول : إذا كان لو أحدث لم يحس بنفسه فإن نومه ينقض الوضوء ، وأما إذا كان لو أحدث لأحس بنفسه فإن نومه لا ينقض الوضوء حتى لو تراءى له حلم أو رؤيا أو كان مضطجعا أو متكئا أو ساجدا أو راكعا ، ما دام يقول: لو أحدث لأحس فالنوم لا ينقض الوضوء ، حتى لو بقي ساعة أو ساعتين ينفث وهو يعلم أنه لو أحدث لأحس فإنه لا ينتقض وضوؤه، لماذا ؟
لأن الأصل بقاء الوضوء فلا ننقضه بالشك.
فإذا قال قائل : وإذا كان نائم ولا يُحس بنفسه لو أحدث، فهل هو أحدث؟ هل نتيقن أنه أحدث ؟
لا، إذًا كيف ننقض الوضوء به ونحن نقول : إن الأصل بقاء الوضوء فلا ينتقض إلا بيقين ؟
نقول : لأن هذا النوم مظنة الحدث، وانضباط القضية عليه، انضباط العلة غير ممكن، وما كان انضباط العلة فيه غير ممكن استوى فيه ظهور العلة وعدمها هذا وجه المسألة.
وأيضا عندنا دليل حديث صفوان بن عسَّال السابق يقول : ولكن من غائط وبول ونوم فهذا حديث فنأخذ به .
طيب لو قال قائل : إذا زال العقل بغير نوم كما لو أُغمي على الإنسان فهل ينتقض وضوؤه بالقليل والكثير ؟
الجواب : نعم ، لأن الإغماء يفقد فيه الإنسان الإحساس ، ولا يمكن أن يقول: لو أحدث لأحس، فالإغماء ينتقض به الوضوء مطلقا، ولهذا لو أن رجلا أغمي عليه يوما كاملا واستيقظ يعني أفاق من الإغماء فإنه لا يلزمه قضاء الصلاة، ولو نام يوما كاملا لزمه قضاء الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ، وأما الإغماء فلا يجب فيه قضاء الصلاة لأن المغمى عليه لا يمكن أن ينتبه حتى لو نبه وأوقظ لا يمكن أن ينتبه ، فهو بمنزلة المجنون الذي لا يمكن أن يحس بأحد نعم .
نستمر ؟
طيب ما فيه إلا واحد ، ما نخلي خمس دقائق لواحد .
طيب ومن فوائد هذا الحديث : أن الوضوء لا يجب إلا للصلاة، لقوله : ثم يصلون ، لكن الاستدلال هنا ضعيف ، لأن القضية قضية عين يتحدث عنهم وهم ينتظرون صلاة العشاء ، لكن هناك أحاديث تدل على أن الوضوء لا يجب إلا للصلاة بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم، ساقها شيخ الإسلام -رحمه الله- في انتصاره لما ذهب إليه مِن أن الطواف بالبيت لا يشترط له الوضوء، وذكر أدلة إذا طالعها الإنسان تبين له أن هذا هو الحق، وأن الطواف بالبيت لا يُشترط له الوضوء، وبناء عليه لو أحدث الإنسان في أثناء الطواف فليستمر، لو وصل إلى المسجد الحرام في الزحام الشديد وهو لم يتوضأ نقول : طف، ولا نلزمه أن يذهب مع هذه المشقة ليتوضأ، أما إذا كان الأمر ميسرًا فلا شك أن الوضوء أفضل احتياطًا واتباعًا لأكثر العلماء، وأنه إذا انتهى من طوافه فسوف يصلي ركعتين، والصلاة يجب لها الوضوء بالإجماع .

Webiste