تم نسخ النصتم نسخ العنوان
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي ص... - ابن عثيمينالشيخ : ثم قال : " وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  الربا ثلاثة وسبعون باباً ، أيسرها : مثل أن ينكح الرجل أمه ، و...
العالم
طريقة البحث
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الربا ثلاثة وسبعون باباً ، أيسرها : مثل أن ينكح الرجل أمه ، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم ) . رواه ابن ماجه مختصراً ، والحاكم بتمامه وصححه .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ثم قال : " وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الربا ثلاثة وسبعون باباً ، أيسرها : مثل أن ينكح الرجل أمه ، وإنَّ أربى الربا عرض الرجل المسلم رواه ابن ماجه مختصراً ، والحاكم بتمامه وصححه " :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : الربا : ولعلنا أولًا نتكلم عن هذا الحديث : هذا الحديث لا شك أن في متنه شيء من النكارة ، وذلك لأن أكل المال بالربا أعظم من أكل العرض ، اللهم إلا إذا كان العرض بالقدف ، إذا كان العرض بالقدف فنعم .
ثانيًا : ولأن في بعض ألفاظ هذا الحديث ، بل في هذا الحديث اللفظ الذي ذكره المؤلف : أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه ، أيسر الأبواب مثلا أن ينكح الرجل أمه ، ومن أيسر الأبواب مثلا أن يبيع صاعاً طيباً بصاعين رديئين مساويين له في القيمة هذا من أيسر الربا ، ومع ذلك يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : إن أيسرَها مثلُ أن ينكح الرجل أمه ، وهذا تشنيع عظيم في أيسر الربا ، فمثل هذا المتن في القلب منه شيء ، وذلك لعظم العقوبة في أمرٍ يظهر للإنسان أن ما مُثل به أشد وأعظم من الممثل ، فالله أعلم ، لكن سند الحديث لا بأس به .
نرجع الآن إلى شرحه : الربا ثلاثة وسبعون بابا الباب : بمعنى الصنف والجنس ، ومنه قول بعض العلماء : " لم يصح في هذا الباب شيء " أي : في هذا الصنف من مسائل العلم أو في هذا الجنس أو في هذه المسألة أو ما أشبه ذلك .
فهو ثلاثة وسبعون بابا ، ما هذه الأبواب ؟ الأبواب والله أعلم كناية عن صور تتضمن مسائل ، وبإمكان طالب العلم أن يتأمل هذه ويجدها ، لأننا ما دمنا نقول : إن الربا بمعنى الزيادة ، فليس من لازم ذلك أن يكون بيع ذهب يذهب مع التفاضل فقط ، بل بيع ذهب بذهب مع التفاضل والقبض ، بيع ذهب بذهب مع التفاضل والتأخير ، بيع ذهب بذهب مع التساوي والتأخير ، بيع ذهب بذهب زائد عليه ، ويجعل مع الناقص دراهم ، كم هذه من صورة ؟ هذه عدة صور في بيع الذهب ، ويمكن أن تجعل أيضًا صورا أخرى في بيع الفضة ، ويمكن أن يأتي ربا القرض ، " وهو القرض الذي يجر منفعة " ، فالمهم أنه يمكن لطالب العلم أن يأمل في هذه الأبواب ، ويجد هذا العدد االذي أشار إليه في هذا الحديث .
لكن يقول : أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه : ومعلوم أن نكاح الرجل لأمه مستقبح شرعًا وعقلًا وعادةً ، كل الناس يستقبحونه ، لم يستحله إلا قوم من أراذل عباد الله وهم المجوس ، المجوس استحلوا أن يتزوج الرجل محارمه أعوذ بالله فيتزوج أمه وأخته وبنته نعم ، وإنما مثل النبي صلى الله عليه وسلم بالأم لأنه من المعلوم أن الناكح مستعلٍ على المنكوح ، أليس كذلك ؟ فالناكح أعلى والمنكوح أسفل ، فهذا يقتضي أن يعلو الرجل على أمه ، وهو أقبح من أن يعلو على بنته ، لأن للأم من الاحترام ما ليس للبنت .
وقوله : وإن أربى الربا عِرض الرجل المسلم شوف : أربى الربا عرض الرجل ، أيسر الربا مثل أن ينكح الرجل أمه : إذًا نكاح الرجل أمه أهون من عرض المسلم .
الطالب : كيف هذا ، غريب .

الشيخ : نعم ؟
الطالب : غريبٌ جدًا هذا .

الشيخ : أقول : هذا مقتضى الحديث : أن عرض الرجل أعظم من نكاح الرجل أمه ، لأن الرسول صلى الله عليه السلام ذكر أن عرض الرجل هو أربى الربا أي : أعلاها ، ونكاح الرجل أمه أيسرها ، وهذا يقتضي أن عرض الرجل أعظم من نكاح الرجل أمه ، وهذا هو الذي يجعل في القلب شيئا من هذا الحديث وقلقا من صحته ، لأن مثل هذا غريب أن يكون قد صدر من الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالله أعلم .
لكن يمكن أن يوجه ويقال : إن معنى أربى الربا ليس معناه أربى الربا المحرم أربى الربا من حيث الزيادة ، لأن الإنسان إذا استطال في عرض المسلم والعياذ بالله بدأ يزداد ، فيكون هذا من باب الربا اللغوي ، يعني أنَّ من انهمك في أعراض الناس ازداد حتى يتراكم عليه الربا ، ويكون هذا أربى الربا من حيث الزيادة والكمية ، أن يستطيل الرجل كما في اللفظ الآخر: استطالة الرجل في عرض أخيه : يعني أنه ليس كالمال ، المال قد لا يحصل على الربا لو أراده ، لكن الكلام إيش ؟ يحصل ، يستطيع الإنسان أن يملأ الدنيا كلاما ، والإنسان إذا ابتلي بهذا الأمر -نسأل الله السلامة- أي : بأكل لحوم الناس ، استزاد ، وصار لا يستأنس ولا ينشرح إلا إذا أكل جيف بني آدم -نعوذ بالله- فيمكن أن يكون هذا وجه الحديث ، أن يكون هذا وجه الحديث إن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم ، نعم .

Webiste