الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل انتظار الصلاة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا يزال أحدُكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة" متفق عليه .
وعنه رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه، ما لم يُحدِث، تقول : اللهم اغفر له، اللهم ارحمه" رواه البخاري .
وعن أنس رضي الله عنه : "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر ليلة صلاة العشاء إلى شطر الليل ثم أقبل علينا بوجهه بعد ما صلى فقال : صلى الناس ورقدوا ، ولم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها" رواه البخاري " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث في بيان فضل انتظار الصلاة سواء كان ذلك بعد صلاة سابقة أو تقدم الإنسان إلى المسجد ينتظر الصلاة ، فقد بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذه الأحاديث أن الإنسان ما دام ينتظر الصلاة فإنه في صلاة ، وبين أيضًا أن الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يُحدِث تقول : "اللهم صل عليه اللهم اغفر له اللهم ارحمه" وقوله : "ما لم يحدث" قيل : ما لم يحدث حدثا في الإسلام ، يعني ما لم يعص ويأتي معصية ، وقيل : ما لم يُحدث حدثا ينقض الوضوء ، لأنه إذا أحدث حدثا ينقض الوضوء فإن الحدث يبطل الصلاة فيمنع أن يكون في صلاة ، وأيا كان ففيه دليل على فضيلة انتظار الصلاة بعد الصلاة ، وعلى فضيلة انتظار الصلاة وإن لم يكن بعد الصلاة ، فيؤخذ من هذا أنه ينبغي للإنسان أن يتقدم إلى المسجد .
ثم ذكر قصة تأخير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل : يعني أنه لم ينته منها حتى انتصف الليل ، والصحابة ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما انصرف من صلاته قال : "إن الناس صلوا وناموا وإنكم لا تزالون في صلاة ما انتظرتم الصلاة" : فكان من وقت العشاء إلى نصف الليل : يعني إلى أن صلى النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في انتظاره ولا يزالون في صلاة ما انتظروا الصلاة .
وفي هذا الحديث دليل على أن الأفضل تأخير صلاة العشاء وهو كذلك ، إلا إذا كان يشق على الناس أو على بعضهم فالأفضل أن يقدم ، أما إذا كان لا يشق فالأفضل أن يُؤخِر .
وعلى هذا فإذا كانوا جماعة في سفر أو في غير سفر أو في بلد لا تقام فيها الجماعات ، فإن الأفضل أن يؤخروا الصلاة إلى قريب منتصف الليل ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : "إن هذا لوقتها لولا أن أشق على أمتي" ، "وكان صلى الله عليه وسلم في صلاة العشاء إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطؤوا أخر" ، والله الموفق .