تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا... - ابن عثيمينالشيخ : يستعف السارق عن السرقة ، والبغي عن الزنا ، والغني يعتبر فيتصدق ولا يبخل .ففي هذا الحديث دليل على أن الإنسان إذا نوى الخير وسعى فيه وأخطأه ، فإنه...
العالم
طريقة البحث
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوة، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة وقال: ( أنا سيد الناس يوم القيامة، هل تدرون مم ذاك ؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيبصرهم الناظر، ويسمعهم الداعي، وتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون إلى ما أنتم فيه إلى ما بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ؟ فيقول بعض الناس لبعض: أبوكم آدم، فيأتونه فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا إلى ربك ؟ ألا ترى ما نحن فيه، وما بلغنا ؟ فقال: إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدا شكورا، ألا ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما بلغنا، ألا تشفع لنا إلى ربك ؟ فيقول: إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي، نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني كنت كذبت ثلاث كذبات، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى. فيقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضلك الله برسالاته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلمت الناس في المهد، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنبا، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: فيأتوني فيقولون: يا محمد أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فأنطلق، فآتي تحت العرش، فأقع ساجدا لربي، ثم يفتح الله علي من محامده، وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فارفع رأسي، فأقول أمتي يا رب، أمتي يا رب، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ثم قال: والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى ). متفق عليه.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : يستعف السارق عن السرقة ، والبغي عن الزنا ، والغني يعتبر فيتصدق ولا يبخل .
ففي هذا الحديث دليل على أن الإنسان إذا نوى الخير وسعى فيه وأخطأه ، فإنه يكتب له ولا يضره ، ولهذا قال العلماء -رحمهم الله- : " إذا أعطى زكاته من يظنه من أهل الزكاة فتبين أنه ليس من أهل الزكاة فإنها تجزئة " ، مثل أن رأيت رجلا رثاً عليه ثياب رثة تحسبه فقيرا فأعطيته الزكاة ، فأصبح الناس يقولون : فلان غني عنده أموال كثيرة ، أتجزئك الزكاة ؟ الجواب ؟
الطالب : نعم .

الشيخ : تجزئه الزكاة ، لأنه قيل لهذا الرجل : أما صدقتك فقد قبلت ، تجزئه الزكاة ، وكذلك إذا أعطيتها غيرك ممن ظننته مستحقا ولم يكن مستحقاً فإنها تجزئك ، والله الموفق .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه رياض الصالحين : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوة ، فرُفع إليه الذراع وكانت تعجبه ، فنهس منها نهسة ، وقال : أنا سيد الناس يوم القيامة، هل تدرون مم ذاك ؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ، فيبصرهم الناظر ، ويُسمعهم الداعي ، وتدنو منهم الشمس ، فيبلغ الناسَ من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون ، فيقول الناس : ألا ترون ما أنتم فيه إلى ما بلغكم ؟! ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ؟! فيقول بعض الناس لبعض : أبوكم آدم ، فيأتونه فيقولون : يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، وأسكنك الجنة ، ألا تشفعُ لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه وما بلغنا ، فقال : إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيت ، نفسي نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى نوح ، فيأتون نوحاً فيقولون يا نوح : أنت أول الرسل إلى الأرض ، وقد سماك الله عبدا شكورا، ألا ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما بلغنا، ألا تشفع لنا إلى ربك ؟ فيقول: إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضبَ بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم.
فيقولون : يا إبراهيم ! أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول لهم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني كنت كذبت ثلاث كذبات، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى. فيقولون : يا موسى أنت رسول الله، فضلك الله برسالاته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفساً لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلمت الناس في المهد، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنباً ، نفسي نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم
.
وفي رواية : فيأتوني فيقولون : يا محمد أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فأنطلق ، فآتي تحت العرش ، فأقع ساجدًا لربي، ثم يفتحُ الله عليَّ من محامده، وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي .
ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول : أمتي يا رب، أمتي يا رب، أمتي يا رب ، فيقال : يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ، ثم قال : والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهَجر، أو كما بين مكة وبصرى
متفق عليه "
.

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذا الحديث الطويل الذي ساقه المؤلف -رحمه الله- في آخر كتابه *رياض الصالحين* عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوة ، فقدمت إليه الذراع فنهس منها نهسة ، وكانت تعجبه : الذراع يعني ذراع الشاة ، فكانت تعجب النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن لحمها أطيب ما في الجسم من الحم ، لين وسريع الهضم ومفيد ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يأكل منه .
نهس منها نهسة ثم حدثهم بهذا الحديث العجيب الطويل فقال : أنا سيد ولد آدم يوم القيامة : ولا شك أنه عليه الصلاة والسلام سيد ولد آدم وأشرف بني الإنسان عند الله تبارك وتعالى ، أتدرون مم ذاك؟ قالوا: لا يا رسول الله : فساق لهم بيان شرفه صلى الله عليه وسلم وفضله على جميع بني آدم .
ذكر أن الناس يحشرون يعني : يجمعون يوم القيامة في صعيد واحد أولهم وآخرهم ، من أول واحد إلى آخر واحد ، كما قال عز وجل : قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم : يجمعون في صعيد واحد ، والأرض يومئذٍ ممدودة ليست كهيئتها اليوم ، فإنها اليوم مثل الكرة ، كروية لا ترى إذا مددت بصرك لا ترى كل الأرض ، لا ترى إلا ما يواجهك من ظهرها فقط، أما يوم القيامة فإن الأرض تمد مد الأديم ، مد الجلد ، وليس فيها جبال ولا أودية ولا أنهار ولا بحار ، تمد مدا واحدا والعالم فيها ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر : يعني لو تكلم إنسان يسمعه آخر واحد، والبصر ينفذهم كلهم يراهم لأنه ما في تكور حتى يغيب بعضهم عن بعض ، ولكن كلهم في صعيد واحد .
في ذلك اليوم تدنو الشمس من الخلائق على قدر ميل ، ويلحقهم من الغم والكرب ما لا يُطيقون ولا يحتملون ، فتضيق بهم الأرض ، ويطلبون الشفاعة لعل أحدًا يشفع فيهم إلى الله جل وعلا ينقذهم من هذا الموقف العظيم على الأقل .
يلهمهم الله عز وجل أن يأتوا إلى آدم أبي البشر ، فيأتون إليه ويبينون فضله ، لعله يشفع لهم عند الله عز وجل ، يقولون له : أنت آدم أبو البشر : كل البشر من بني آدم ، كل البشر هم بنوا آدم الذكور والإناث إلى يوم القيامة ، خلقك الله بيده : كما قال تعالى منكرا على إبليس : ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي : خلقه الله بيده وخلق بقية البشر بالكلمة : كن فيكون ، أما آدم فخلقه جل وعلا بيده ، يقولون : خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته ، قال الله تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا ، وعلمك أسماء كل شيء : قال الله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها ، ونفخ فيك من روحه : قال الله تعالى : فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين : كل هذا يعلمه الخلق ولاسيما أمة محمد الذين أعطاهم الله تعالى من العلوم ما لم يعط أحداً من الأمم . فيعتذر ويقول : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب مثله ولن يغضب مثله قط ، ثم يذكر خطيئته : أن الله سبحانه وتعالى نهاه أن يأكل من شجرة فأكل ، قال الله تعالى : ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين : شجرة في الجنة لا ندري ما هذه الشجرة ، ولا نوعها ولا كبرها ولا صغرها ، شجرة أبهمها الله فعلينا أن نؤمن بها مبهمة ، نُهي أن يأكل منها وبين له أنه إذا أكل منها هو وزوجه فإنهما يكونان من الظالمين ، ولكنَّ عدوهما الشيطان دلاهما بغرور ، ووسوس لهما ، وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين : فغرهما ونسى آدم ما عهد به لله عز وجل : وعصى آدم ربه فغوى ، نسي وأكل من الشجرة فعوقب بأن أُخرج من الجنة إلى الأرض لحكمة يريدها الله عز وجل ، فيذكر معصيته ويقول : نفسي نفسي نفسي : يعني عسى أن أنقذ نفسي ويكرر ذلك ويؤكده ثلاث مرات ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى نوح : ونوح هو الأب الثاني للبشرية ، لأن الله أغرق جميع أهل الأرض الذين كذبوا نوحا وما آمن معه إلا قليل ، وكان نوح هو الأبَ الثاني للبشر ، اذهبوا إلى نوح يأتون إلى نوح ، لأن الناس في شدة وضيق ، يطلبون من يشفع لهم إلى الله عز وجل ، يذكرون نعم الله عليه وأنه أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض ، وأن الله سماه عبداً شكوراً ، ولكنه يقول كما قال آدم في غضب الله عز وجل : إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب مثله قط ولن يغضب مثله : ثم يذكر دعوته التي دعا بها على قومه : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا : وفي رواية : أنه يذكر دعوته التي دعا بها لابنه : فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين .
يذكر ذنبه ، والشافع لا يشفع إلا إذا كان ليس بينه وبين المشفوع عنده ما يوجب الوحشة والمعصية بين العبد وبين ربه توجب وحشته من ربه، وخجله منه ، فيذكر معصيته ويقول : نفسي نفسي نفسي ، ويحيلهم إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ويأتي إن شاء الله تعالى بقية الكلام على هذا الحديث العظيم ، نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يدخلنا وإياكم في شفاعة نبينا إنه على كل شيء قدير .

Webiste