تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح حديث : فيقول نوح : ( ... اذهبوا إلى... - ابن عثيمينالقارئ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه *رياض الصالحين* في سياق "...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح حديث : فيقول نوح : ( ... اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني كنت كذبت ثلاث كذبات، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى. فيقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضلك الله برسالاته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلمت الناس في المهد، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنبا، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: فيأتوني فيقولون: يا محمد أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فأنطلق، فآتي تحت العرش، فأقع ساجدا لربي، ثم يفتح الله علي من محامده، وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي, ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فارفع رأسي، فأقول أمتي يا رب، أمتي يا رب، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ثم قال: والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى ). متفق عليه.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه *رياض الصالحين* في سياق " حديث أبي هريرة رضي الله عنه : فيقول نوح عليه السلام : اذهبوا إلى إبراهيم. فيقولون : يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول لهم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني كنت كذبت ثلاث كذبات، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى، فيقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضلك الله برسالاته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلتُ نفساً لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى، فيأتون عيسى، فيقولون : يا عيسى أنت رسولُ الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه، وكلمت الناس في المهد، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنباً، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم .
وفي رواية : فيأتوني فيقولون : يا محمد أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فأنطلق، فآتي تحت العرش، فأقع ساجداً لربي، ثم يفتح الله عليَّ من محامده، وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال : يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول : أمتي يا رب، أمتي يا رب، أمتي يا رب، فيقال : يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال : والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهَجر، أو كما بين مكة وبُصرى متفق عليه "
.

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
ذكر المؤلف -رحمه الله- حديث الشفاعة بطوله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وأنه صلى الله عليه وسلم سيد بني آدم يوم القيامة ، وسبق أن الناس يلحقهم من الغم والكرب ما لا يطيقون، فيذهبون إلى آدم ليشفع لهم فيذكر ذنبه بأكل الشجرة فيقول : نفسي نفسي نفسي .
ويأتون إلى نوح ليشفع لهم فيذكر أنه دعا على قومه قبل أن يؤذن له ، ويعترف ويقول : نفسي نفسي نفسي ، ويحيلهم إلى إبراهيم عليه الصلاة السلام .
فيأتي الناس إلى إبراهيم ويقولون : أنت خليل الله تعالى في الأرض ، ويذكرون من صفاته اشفع لنا إلى ربك ، فيعتذر ويقول : إنه كذب ثلاث كذبات ويقول : نفسي نفسي نفسي .
والكذبات هي قوله : إني سقيم : وهو ليس بسقيم ، لكنه قاله متحديا لقومه الذين يعبدون الكواكب .
والثانية قوله للرجل الكافر الملك : هذه أختي يعني : زوجته : ليسلم من شره وهي ليست أخته .
والثالثة قوله : بل فعله كبيرهم هذا : بل فعله كبيرهم هذا يعني الأصنام ، لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ذهب إلى أصنامهم وكسرها ، فلما رجعوا وجدوه الأصنام مكسرة : قالوا من فعل هذا بآلهتنا ، فقالوا : فعله فتى يقال له إبراهيم ، وجرت بينهم وبين إبراهيم ما جرى وقال : بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون : وهو لم يفعله كبيرهم ، الذي فعله إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، لكنه ذكر ذلك على سبيل التحدي لهؤلاء الذين يعبدون الأوثان .
هذه كذبات في ظاهر الأمر ، لكنها في الحقيقة وبمناسبة تأويله عليه الصلاة والسلام لم تكن كذبات ، لكنه لشدة ورعه وحيائه من الله تبارك وتعالى اعتذر بهذا العذر ، ويقول : نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى .
فيأتون إلى موسى ، ويذكرون من صفاته وأن الله تعالى كلمه تكليماً واصطفاه على أهل الأرض برسالاته وكلامه ، فيذكر ذنبًا ويعتذر ، يذكر أنه قتل نفساً قبل أن يؤذن له في قتلها ، وهو القبطي الذي كان في خصام مع رجل من بني إسرائيل ، وموسى من بني إسرائيل عليه الصلاة والسلام ، والقبطي من آل فرعون ، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه : دون أن يؤمر بقتله ، فرأى صلى الله عليه وسلم أن هذا مما يحول بينه وبين الشفاعة للخلق ، حيث قتل نفسًا لم يؤمر بقتلها ، وقال : نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى ، فيأتون إلى عيسى ويذكرون منه مِنة الله عليه بأنه نفخ فيه من روحه ، وأنه كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، لأن عيسى خُلق بلا أب فلا يذكر ذنباً ، ولكنه يحيلهم إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا شرف عظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان أربعة من الأنبياء يعتذرون بذكر ما فعلوه ، وواحد لا يعتذر بشيء لكن يرى أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أولى منه ، فيأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقبل ذلك ، ويسجد تحت العرش ، ويفتح الله عليه من المحامد والثناء على الله ما لم يفتحه على أحد غيره .
ثم يقال له : ارفع رأسك وقل يُسمع ، وسل تعط ، واشفع تشفع : فيشفع عليه الصلاة والسلام يقول : يا رب أمتي أمتي ، يا رب أمتي ، يا رب أمتي : فيقبل الله شفاعته ويقال له : أدخل أمتك من الباب الأيمن من الجنة وهم شركاء مع الناس في بقية الأبواب .
وهذه فيها دلالة ظاهرة على أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرف الرسل ، والرسل هم أفضل الخلق ، كما قال عز وجل : ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين : هؤلاء هم الأصناف الأربعة الذين هم أفضل الخلق : النبيون والصديقون والشهداء والصالحون ، النبي صلى الله عليه وسلم أفضلهم ، والله الموفق .

Webiste