ما حكم من يؤخِّر الرَّمي عن طواف الإفاضة بعد الطواف من أجل الزحمة ؟ وهل يجوز تأخير الرَّمي إلى العصر أو غروب الشمس ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : جزاك الله خير ، بالنسبة لزحمة الناس .
الشيخ : بالنسبة ؟
السائل : بالنسبة للزَّحمة الحاصلة من كثرة المسلمين - إن شاء الله - ؛ فهل يجوز أن نقدِّم الطواف - طواف الإفاضة - على الرَّجم ؟ وهل يجوز أن نؤخِّر الرجم إلى الغروب مثلًا أو العصر ، بارك الله فيك وجزاك الله خير ؟
الشيخ : تفضَّل استريح .
الذي أفهمه من الأحاديث الكثيرة التي جاءت جوابًا من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الأسئلة المختلفة في التقديم والتأخير ؛ حيث كان - عليه الصلاة والسلام - يقول : لا حرج ، حلق قبل أن يرمي قال : لا حرج ، سمعتم حديث أسامة بن شريك آنفًا بأنه سعى قبل أن يطوف فقال : لا حرج ، ردَّد هذه الكلمة مرارًا وتكرارًا ، حتى قال الرواي : أنَّنا ظننا أنه ما سُئل عن شيء قُدِّم و أُخِّر إلا وقال : لا حرج ، الذي أفهمه من جوابه - عليه السلام - عن هذه الأسئلة ليس هو أن يصبح الحجُّ فوضى لا نظام له ، فيحجُّ الإنسان كيفما شاء وكيفما اتفق ، لا ، الأصل في ذلك إنما هو حجة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - التي قال فيها ما ذكرته من قوله - صلى الله عليه وسلم - آنفًا : خذوا عنِّي مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا - إيش ؟ - ألقاكم بعد عامي هذا ، فالأصل إذًا أن نُرتِّب المناسك كما فعل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ولكن إذا شعر الحاجُّ - وهذا يختلف من إنسان إلى آخر من شاب إلى كهل إلى شيخ ، من رجل إلى امرأة ، من رجل مريض إلى رجل سليم ، من امرأة حامل إلى امرأة حامل ، وهكذا ، تختلف هذه الأمور بالنسبة للأفراد ، وباختلاف ذلك يختلف الحرج ، فقد يوجد حرجٌ ما لإنسانٍ ما لا يوجد مثل هذا الحرج لغيره . فإذًا الضابط والقاعدة في جواز التقديم والتأخير هو ملاحظة الحرج - ؛ فإذا كان هناك حرجٌ في مثل ما جاء في السؤال أن يرمي في الوقت المشروع بعد طلوع الشمس ، كما جاء في حديث ابن عباس السابق الذكر ، لكنه شيخ كبير أو رجل عليل مريض يخشى على نفسه الزَّحمة ؛ فله أن يؤخِّر كما جاء في بعض تلك الأحاديث من قول السائل : " يا رسول الله ، مارميت إلا وأمسيت ؟ " ، قال : لا حرج .
فإذًا يجب أن نلاحظ هنا القاعدة وما يبرر أو يسوِّغ لنا الخروج عنها إلى الترخص ، القاعدة أن نأتي بكلِّ منسك من مناسك الحج موافقين في ذلك صفة حجَّة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، الذي يجوز أو يُجوِّز لنا الخروج عن هذا الأصل هو الخلاص من الحرج ، أما من لا يجد في نفسه حرجًا ؛ فعليه أن يلتزم أن يضع كل منسك في موضعه تنفيذًا لأمر نبيه : خذوا عنِّي مناسككم .
وأنا أريد أن أقرِّب لكم هذه المسألة بمسألة أخرى جاء فيها ذكر الحرج وهي تتعلق بالصلاة ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أن بعض الناس لا ينتبهون إلى هذه النُّكتة التي ذكرتها فيما يتعلق بالحج ؛ فإنها كذلك تتعلَّق بالصلاة ، أعني بذلك حديث ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - والحديث في " صحيح مسلم " : " جمع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في المدينة بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، دون سفر ولا مطر " ، وفي رواية : " خوف " ، قالوا - وهنا الشاهد - : " ماذا أراد بذلك يا أبا العباس ؟ " - كنية عبد الله ابن عباس ، أبو العباس - " ماذا أراد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بذلك يا أبا العباس ؟ قال : أراد أن لا يُحرجَ أمَّته " ، فقوله - رضي الله تعالى عنه - أراد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالجمع بين الصلاتين في المدينة دون وجود شرط الجمع ألا وهو السفر ، أو المطر ، أو الخوف . لم يكن شيء من هذه الأسباب ؛ إذًا جاء السؤال : لماذا جمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المدينة مقيمًا بين الظهر والعصر من جهة وبين المغرب والعشاء من جهة أخرى ؟ كان جوابه : " أراد أن لا يُحرجَ أمَّته " .
فمعنى هذا الجمع ليس هو كما يقول بعض العلماء قديمًا وحديثًا ، أنه يجوز للمقيم أن يجمع بين الصلاتين ترخُّصًا ، لا ليس في الحديث ، كان يمكن أن يُؤخذ هذا من الحديث لو لم يكن السؤال الموجَّه إلى ابن عباس وجوابه : " جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء في المدينة " ، لو كان الحديث هكذا كان يمكن اعتباره دليلًا على جواز الجمع بدون أيِّ سبب ، رخصة كما هو الشأن في حالة السفر ، لكن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - قد أجاب عن السبب فقال : " أراد أن لا يُحرج أمَّته " ، حينئذٍ معنى أو الغاية من جمع الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا الجمع - وهو مقيم - فتح الطريق لمن كان مقيمًا ووجد في ظرف ما حرجًا في المحافظة على كلٍّ من الصلوات في وقتها ، فحينئذٍ - خلاصًا من الحرج - يجوز له أن يجمع بين الصلاتين ؛ لأن من قواعد الشريعة أن الله - عز وجل - كما قال : ما جعل عليكم في الدين من حرج ، فإذًا حيث كان الحرج جاز الترخُّص في الجمع بين الصلاتين ، كذلك حيث كان الحرج في مناسك الحجِّ جاز التقديم والتأخير ، أما أن نجعل الأمر فوضى تعود مناسك الحج حسب الأهواء ، ويختلُّ بذلك النظام : خذوا عنِّي مناسككم ؛ فهذا لا يجوز أن يُستدلَّ عليه بجواب الرسول - عليه السلام - لتلك الأسئلة المختلفة بقوله : لا حرج ، لأن معنى ذلك أن ما فعلتم إنما كان لرفع الحرج ، و ما جعل عليكم في الدين من حرج .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : لا ، ما ذكرت آنفًا في الحديث قال سائل : "ما رميتُ إلا وقد أمسيتُ ؟ " ، قال : لا حرج ، فأقول : يجوز تأخير الرمي لمن يجد حرجًا في المحافظة على وقت الرمي ، لا يجوز مطلقًا ، وإلا قد تنعكس القضية ، تكون مثلًا الزحمة بعد طلوع الشمس في يوم النحر ، فإذا ما الناس كلهم قالوا نحن نؤخِّر للمساء ؛ إذًا راح يصير وقت الرمي مساء !
لا ، يجب المحافظة على هذا الوقت ، ثم من وجد حرجًا - وهذا كما قلنا آنفًا يختلف من شخص إلى آخر - هو الذي يتأخر ، فقد يتأخر إلى ما بعد الظهر ، قد يتأخر إلى ما بعد العصر ، قد يتأخر إلى ما بعد المغرب ، " ما رميت إلا وقد أمسيت " . قال : لا حرج .
المهم أن القاعدة في الترخُّص في التقديم والتأخير هو ملاحظة رفع الحرج عن الحاجِّ ، أما القاعدة فأن نقتدي به - عليه الصلاة والسلام - ، وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - .
السائل : جزاك الله خير يا شيخ .
الشيخ : بالنسبة ؟
السائل : بالنسبة للزَّحمة الحاصلة من كثرة المسلمين - إن شاء الله - ؛ فهل يجوز أن نقدِّم الطواف - طواف الإفاضة - على الرَّجم ؟ وهل يجوز أن نؤخِّر الرجم إلى الغروب مثلًا أو العصر ، بارك الله فيك وجزاك الله خير ؟
الشيخ : تفضَّل استريح .
الذي أفهمه من الأحاديث الكثيرة التي جاءت جوابًا من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الأسئلة المختلفة في التقديم والتأخير ؛ حيث كان - عليه الصلاة والسلام - يقول : لا حرج ، حلق قبل أن يرمي قال : لا حرج ، سمعتم حديث أسامة بن شريك آنفًا بأنه سعى قبل أن يطوف فقال : لا حرج ، ردَّد هذه الكلمة مرارًا وتكرارًا ، حتى قال الرواي : أنَّنا ظننا أنه ما سُئل عن شيء قُدِّم و أُخِّر إلا وقال : لا حرج ، الذي أفهمه من جوابه - عليه السلام - عن هذه الأسئلة ليس هو أن يصبح الحجُّ فوضى لا نظام له ، فيحجُّ الإنسان كيفما شاء وكيفما اتفق ، لا ، الأصل في ذلك إنما هو حجة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - التي قال فيها ما ذكرته من قوله - صلى الله عليه وسلم - آنفًا : خذوا عنِّي مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا - إيش ؟ - ألقاكم بعد عامي هذا ، فالأصل إذًا أن نُرتِّب المناسك كما فعل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ولكن إذا شعر الحاجُّ - وهذا يختلف من إنسان إلى آخر من شاب إلى كهل إلى شيخ ، من رجل إلى امرأة ، من رجل مريض إلى رجل سليم ، من امرأة حامل إلى امرأة حامل ، وهكذا ، تختلف هذه الأمور بالنسبة للأفراد ، وباختلاف ذلك يختلف الحرج ، فقد يوجد حرجٌ ما لإنسانٍ ما لا يوجد مثل هذا الحرج لغيره . فإذًا الضابط والقاعدة في جواز التقديم والتأخير هو ملاحظة الحرج - ؛ فإذا كان هناك حرجٌ في مثل ما جاء في السؤال أن يرمي في الوقت المشروع بعد طلوع الشمس ، كما جاء في حديث ابن عباس السابق الذكر ، لكنه شيخ كبير أو رجل عليل مريض يخشى على نفسه الزَّحمة ؛ فله أن يؤخِّر كما جاء في بعض تلك الأحاديث من قول السائل : " يا رسول الله ، مارميت إلا وأمسيت ؟ " ، قال : لا حرج .
فإذًا يجب أن نلاحظ هنا القاعدة وما يبرر أو يسوِّغ لنا الخروج عنها إلى الترخص ، القاعدة أن نأتي بكلِّ منسك من مناسك الحج موافقين في ذلك صفة حجَّة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، الذي يجوز أو يُجوِّز لنا الخروج عن هذا الأصل هو الخلاص من الحرج ، أما من لا يجد في نفسه حرجًا ؛ فعليه أن يلتزم أن يضع كل منسك في موضعه تنفيذًا لأمر نبيه : خذوا عنِّي مناسككم .
وأنا أريد أن أقرِّب لكم هذه المسألة بمسألة أخرى جاء فيها ذكر الحرج وهي تتعلق بالصلاة ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أن بعض الناس لا ينتبهون إلى هذه النُّكتة التي ذكرتها فيما يتعلق بالحج ؛ فإنها كذلك تتعلَّق بالصلاة ، أعني بذلك حديث ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - والحديث في " صحيح مسلم " : " جمع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في المدينة بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، دون سفر ولا مطر " ، وفي رواية : " خوف " ، قالوا - وهنا الشاهد - : " ماذا أراد بذلك يا أبا العباس ؟ " - كنية عبد الله ابن عباس ، أبو العباس - " ماذا أراد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بذلك يا أبا العباس ؟ قال : أراد أن لا يُحرجَ أمَّته " ، فقوله - رضي الله تعالى عنه - أراد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالجمع بين الصلاتين في المدينة دون وجود شرط الجمع ألا وهو السفر ، أو المطر ، أو الخوف . لم يكن شيء من هذه الأسباب ؛ إذًا جاء السؤال : لماذا جمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المدينة مقيمًا بين الظهر والعصر من جهة وبين المغرب والعشاء من جهة أخرى ؟ كان جوابه : " أراد أن لا يُحرجَ أمَّته " .
فمعنى هذا الجمع ليس هو كما يقول بعض العلماء قديمًا وحديثًا ، أنه يجوز للمقيم أن يجمع بين الصلاتين ترخُّصًا ، لا ليس في الحديث ، كان يمكن أن يُؤخذ هذا من الحديث لو لم يكن السؤال الموجَّه إلى ابن عباس وجوابه : " جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء في المدينة " ، لو كان الحديث هكذا كان يمكن اعتباره دليلًا على جواز الجمع بدون أيِّ سبب ، رخصة كما هو الشأن في حالة السفر ، لكن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - قد أجاب عن السبب فقال : " أراد أن لا يُحرج أمَّته " ، حينئذٍ معنى أو الغاية من جمع الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا الجمع - وهو مقيم - فتح الطريق لمن كان مقيمًا ووجد في ظرف ما حرجًا في المحافظة على كلٍّ من الصلوات في وقتها ، فحينئذٍ - خلاصًا من الحرج - يجوز له أن يجمع بين الصلاتين ؛ لأن من قواعد الشريعة أن الله - عز وجل - كما قال : ما جعل عليكم في الدين من حرج ، فإذًا حيث كان الحرج جاز الترخُّص في الجمع بين الصلاتين ، كذلك حيث كان الحرج في مناسك الحجِّ جاز التقديم والتأخير ، أما أن نجعل الأمر فوضى تعود مناسك الحج حسب الأهواء ، ويختلُّ بذلك النظام : خذوا عنِّي مناسككم ؛ فهذا لا يجوز أن يُستدلَّ عليه بجواب الرسول - عليه السلام - لتلك الأسئلة المختلفة بقوله : لا حرج ، لأن معنى ذلك أن ما فعلتم إنما كان لرفع الحرج ، و ما جعل عليكم في الدين من حرج .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : لا ، ما ذكرت آنفًا في الحديث قال سائل : "ما رميتُ إلا وقد أمسيتُ ؟ " ، قال : لا حرج ، فأقول : يجوز تأخير الرمي لمن يجد حرجًا في المحافظة على وقت الرمي ، لا يجوز مطلقًا ، وإلا قد تنعكس القضية ، تكون مثلًا الزحمة بعد طلوع الشمس في يوم النحر ، فإذا ما الناس كلهم قالوا نحن نؤخِّر للمساء ؛ إذًا راح يصير وقت الرمي مساء !
لا ، يجب المحافظة على هذا الوقت ، ثم من وجد حرجًا - وهذا كما قلنا آنفًا يختلف من شخص إلى آخر - هو الذي يتأخر ، فقد يتأخر إلى ما بعد الظهر ، قد يتأخر إلى ما بعد العصر ، قد يتأخر إلى ما بعد المغرب ، " ما رميت إلا وقد أمسيت " . قال : لا حرج .
المهم أن القاعدة في الترخُّص في التقديم والتأخير هو ملاحظة رفع الحرج عن الحاجِّ ، أما القاعدة فأن نقتدي به - عليه الصلاة والسلام - ، وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - .
السائل : جزاك الله خير يا شيخ .
الفتاوى المشابهة
- ما معنى حديث ابن عباس أن النبي صلى اللله علي... - ابن عثيمين
- هل يجوز تأخير طواف الإفاضة إلى اليوم الثالث... - ابن عثيمين
- ما ضابط الحرج الذي يجوز الجمع بين الصلاتين في... - الالباني
- ما حكم الجمع بين طواف الوداع وطواف الإفاضة وهل... - الالباني
- ما هي أمثلة الحرج التي يجوز معها الجمع بين الص... - الالباني
- تأخير الطواف - اللجنة الدائمة
- كيف نوجه حديث ابن عباس أن النبي صلى الله علي... - ابن عثيمين
- معنى حديث "منْ عَلِم الرَّمْي ثم تركه.." - ابن باز
- ما حكم السعي بين الصفا والمروة قبل طواف الإفاضة ؟ - الالباني
- ما حكم من يؤخر الرمي عن طواف الإفاضة بعد الطوا... - الالباني
- ما حكم من يؤخِّر الرَّمي عن طواف الإفاضة بعد ا... - الالباني