تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فتاوى متفرقة في الطلاق - الفوزانسؤال: طلب مني أحد الأصدقاء مبلغًا من المال يزيد عما كنت أعتقده معي في جيبي، فقلت له معتذرًا بالطلاق، ما معي إلا ثمانون جنيهًا، ونسيت أن معي أكثر من ذلك،...
العالم
طريقة البحث
فتاوى متفرقة في الطلاق
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
سؤال: طلب مني أحد الأصدقاء مبلغًا من المال يزيد عما كنت أعتقده معي في جيبي، فقلت له معتذرًا بالطلاق، ما معي إلا ثمانون جنيهًا، ونسيت أن معي أكثر من ذلك، وبعد ذلك اكتشفت الزيادة، فندمت على هذا الحلف بالطلاق علمًا أنه لم يكن في نيتي فرق زوجتي، وبعد ذلك سألت أحد العلماء لدينا، فقال لي: وقعت عليك طلقة، وعليك أن تراجعها، فجعلت أقول خلفه ألفاظ المراجعة واسترجعتها، فهل صحيح هذا أنه وقع علي طلاق واحد ولم يبق إلا طلقتان؟ وهل يجب على من صدر منه طلاق مرة أو مرتين أن يمتنع عن زوجته حتى يراجعها بالقول، أم يعتبر إتيانه لها مراجعة بالفعل، إذا كان بتلك النية؟

الجواب: أما بالنسبة للمسألة الأولى، أنك حلفت بالطلاق أنه ليس معك إلا ثمانون جنيهًا، ثم تبين لك أن معك أكثر من هذا، فهذه اليمين بنيتها على غالب ظنك، والحالف إذا حلف بما كان على غالب ظنه، ثم
تبين له خلاف ذلك، فإن هذا يعتبر من لغو اليمين، والله تعالى يقول: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} [المائدة: ٨٩] ، فلا إثم عليك في هذا، فلم تتعمد الكذب، وإنما حلفت بناءً على غالب ظنك وكنت في نفسك ترى أنك صادق في هذه اليمين، لكن تبين لك خلاف هذا من غير قصد، فهذا من لغو اليمين ولا شيء فيه عليك، ولا يقع به طلاق، وليس عليك به كفارة يمين أيضًا، لأنه من لغو اليمين، هذا الذي يظهر لي من حالك، ومن سؤالك.
أما ما ذكرت مم تحصل به الرجعة، فلا بد من القول والتلفظ بالرجعة، أو في وطء الزوجة بنية الرجعة.

أما القول: فلا خلاف بين أهل العلم أنه يحصل به الرجعة، وأما وطؤها بنية الرجوع بدون تلفظ، فهذا موضع الخلاف بين أهل العلم، والصحيح من أقوال أهل العلم أنه تحصل به الرجعة، إذا وطئ زوجته المطلقة بنية رجعتها.

سؤال: إذا ما يفعله بعض الناس من الامتناع عن زوجته أو إخراجها من بيته بمجرد أنه تلفظ بالطلاق، هذا ليس له أصل؟

الجواب: الرجعية، لا يجوز إخراجها من بيت زوجها لأنها زوجة ولها النفقة، ولها السكنى، لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: ١] ، فلا يجوز إخراج الزوجة المطلقة الرجعية من بيتها إلا بعد انتهاء عدتها إذا لم يراجعها.

سؤال: أنا رجل متزوج وحصلت بيني وبين زوجتي مشاجرة وغضبت جدًّا وقلت لها: طالقة على جميع المذاهب، وهي أيضًا حرمتني على نفسها وقالت: أنت أخي بعد اليوم، ولم يطل بيننا الخصام، فقد رجعنا إلى بعضنا بعد أن هدأت أعصابنا، فهل رجوعنا هذا شيء مخالف بعد أن حدث ما حدث مني من طلاق، ومنها من تحريم؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.

الجواب: أولًا: كلاكما مخطئ في ذلك التصرف، لأن الواجب على المؤمن إذا مسه شيء من الغضب أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن يملك لسانه من النطق الفاحش، والكلام السيئ، لأن الشيطان يتسلط على الإنسان عند الغضب، لأن الغضب من الشيطان، فالواجب علاجه بالاستعاذة بالله من شر الشيطان كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: ٢٠١] ، وقال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: ٣٦] ، هذا هو الواجب على المسلم عندما يصيبه شيء من الغضب.
أما بالنسبة لما حصل منكما من أنك تلفظت بالطلاق، وهي تلفظت بتحريمك عليها كحرمة أخيها، فهذه ألفاظ محرمة، وبما أنك قد راجعتها، فإذا كانت الرجعة حدثت في العدة ولم يكن الطلاق متكاملًا ثلاث تطليقات، فإن الرجعة صحيحة.
أما إذا كان هذا الطلاق يكمل طلاقًا سبق قبله إلى ثلاث تطليقات، فإنه لا رجعة لك عليها، أو كانت الطلقات دون الثلاث، ولكنها قد خرجت من العدة فإنك أيضًا لا رجعة لك عليها إلا بعقد جديد، وإذا
كانت تكاملت الثلاث، فليس لك عليها رجعة إلا بعد أن تتزوج بزوج آخر، زواج رغبة ثم يطلقها باختياره ورغبته عنها.
أما بالنسبة لما صدر منها من التلفظ بتحريمك عليها كحرمة أخيها، فهذا على الصحيح من أقوال أهل العلم يجري مجرى اليمين، فعليها كفارة يمين، بأن تعتق رقبة، أو تطعم عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من الطعام، أو تكسو عشرة مساكين لكل مسكين منهم ثوب يجزيه في صلاته، فإذا لم تجد واحدًا من هذه الأمور الثلاثة فإنها تصوم ثلاثة أيام.
والذي أنصح لكما به هو أن تتجنبا مثل هذه الألفاظ وأن لا يحملكما الغضب على الوقوع في مثل هذا، لأن هذا من الشيطان، وربما يوقعكما في حرج لا تستطيعان الخلاص منه.

Webiste