تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث ( لما كان يوم خيبر أمر رسول الله... - ابن عثيمينالشيخ : ففي هذا الحديث فوائد منها: أنّه ينبغي إعلان الأحكام الشّرعيّة بأقوى ما يحصل به الإعلام وجهه؟ أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر أبا طلحة لارتف...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث ( لما كان يوم خيبر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا طلحة ...).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ففي هذا الحديث فوائد منها: أنّه ينبغي إعلان الأحكام الشّرعيّة بأقوى ما يحصل به الإعلام وجهه؟ أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر أبا طلحة لارتفاع صوته بإعلام هذا الحكم الشّرعي.
ومنها: أنّ استعمال مكبّر الصوت في إبلاغ الخطبة للمصلّين واستعمال الإذاعة وهي أوسع وأشدّ انتشارًا من الأمور التي جاءت بمثلها السّنّة، فيكون في ذلك ردّ على من أنكر هذا وقال هذا بدعة لأنّه لم يكن معروفًا في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
ومنها: جواز الجمع بين اسم الله واسم الرّسول بالواو في الأحكام الشّرعيّة لقوله: "إنّ الله ورسوله ينهيانكم" ولم يقل ثمّ رسوله ووجه ذلك أنّ نهي الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم من نهي الله كما قال الله تعالى: { ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالًا مبينًا } وقال الله تعالى: { ومن يطع الرّسول فقد أطاع الله } ولمّا كان الحكم الصّادر من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كالحكم الصّادر من الله صحّ أن يجمع اسم الله مع اسم الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بالواو، فإن قال قائل أين نهانا الله عن ذلك وقد قال الله لنبيّه: { قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا على طاعم يطعمه إلاّ أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير } ثلاثة والحمر ليست منها فأين نهى الله؟ فالجواب الآية في سورة الأنعام وسورة الأنعام مكّيّة والحديث في خيبر بعد الهجرة والآية ليس فيها لن أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا، لو كان لفظ الآية لن أجد لكان هذا الحديث معارضًا لها، لكن الآية { لا أجد في ما أوحي إليّ } ولم يقل في ما يوحى إليّ فالآية نزلت وفي أيّام نزولها لم يكن محرّمًا إلاّ هذه إيش؟ الأنواع الثّلاثة ولا معارضة، لا معارضة بينها وبين الحديث إطلاقًا ولا بينها وبين نهي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن كلّ ذي ناب من السّباع وكلّ ذي مخلب من الطّير، فالآية واضحة وبأدنى تأمّل يتبيّن لك أنّه لا حاجة للإتيان بها في معارضة هذا الحديث وأمثاله، فإذا قال قائل: سلّمنا بذلك وأنّه لا معارضة بين الآية وبين الحديث ولكن أين نهي الله للرّسول؟ نقول الذي أخبرنا بأنّ الله نهى من؟
الطالب : الرّسول.

الشيخ : الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فيجب علينا أن نؤمن بذلك وأن نقول إنّ الله نهى عن لحوم الحمر الأهليّة أمّا في أيّ نصّ كان ذلك فإنّه يكفي أن يكون الرّاوي لنا من؟ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا حاجة أن نتنطّع ونقول أين؟ وأين الوحي؟ وما أشبه ذلك فإن قال قائل ما الجمع بين هذا الحديث: "إنّ الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهليّة" وبين ذمّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم للخطيب الذي قال: " ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى " وهنا قال ينهيانكم فجمعهما في ضمير واحد؟ فهنا قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيما أمر به أبا طلحة ينهيانكم، والخطيب قال: "بئس خطيب القوم أنت" فما الجواب؟ نقول الجواب من وجوه: الوجه الأوّل: أنّ هناك فرقًا بين الصّيغتين، صيغة الحديث وصيغة الخطيب، صيغة الحديث ينهيانكم خبر لمبتدأ من اثنين معطوف ومعطوف عليه، وإذا كان خبرًا عن اثنين أحدهما معطوف والثاني معطوف عليه صار كأنّه مركّب من اثنين، هذا واحد أمّا الخطيب فيقول من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما هذه جملة مستقلّة ليست خبرًا عن الجملة الأولى ولا جوابًا لشرط فهي مستقلّة، وإذا كانت مستقلّة فيجب أن تستقلّ بلفظ الإثنين كلّ واحد على انفراد فيقول ومن يعص الله ورسوله فقد غوى، واضح الفرق وإلاّ غير واضح؟ الفرق واضح من حيث التّركيب، إنّ الله ورسوله ينهيانكم الجملة واحدة وإلاّ اثنين؟
الطالب : واحدة.

الشيخ : واحدة، ينهيانكم وهي التي جمعت فيها الضّمير خبر لإنّ، فالجملة واحدة وهي خبر لاثنين كلّ واحد ذكر على انفراد، فهي جملة واحدة، في عبارة الخطيب، من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى جاءت جملة جديدة، فصارت كأنّها منفصلة عن الأولى فإتيانه بالضّمير مجموعًا باثنين يعتبر خطأ والفصاحة أن يقول ومن يعص الله ورسوله، فالفرق ظاهر بين الصّيغتين.
ثانيًا: أنّ مقام الخطبة ينبغي أن يكون بالتّفصيل والبسط والاختصار الشّديد ينافي البيان في الخطبة، وأمّا هذا فهو بيان حكم ما هو خطبة، وبيان الحكم قد يكون من الفصاحة إيش؟ أن يختصر فيها. الجواب الثّالث: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يبعد في حقّه وفي نطقه أن يجعل لله شريكًا، وأمّا المخلوق إذا جمع اسم الله واسم غيره بالواو فقد يعتقد أنّهما سواء لكنّ هذا الجواب ضعيف، لأنّ الخطيب جمع بينهما بإيش؟ بالواو، فهذا لا يعوّل عليه.
والرّابع: أنّه قيل أنّ الخطيب ينبغي أن تكون خطبته واضحة فإذا قال ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى، قد يتوهّم السّامع أنّ الغيّ لا يكون إلاّ بمعصية الله ورسوله أي إلاّ بما ورد فيه نهي في الكتاب وإيش؟ والسّنّة وهذا غلط، لكن عندي أنّ أقرب الأجوبة الأوّل وهو اختلاف الصّيغتين، ويليه الثاني أنّ مقام الخطبة ينبغي فيه البسط.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الأصل في النّهي التّحريم لقوله: "ينهيانكم" ثمّ علّل أنّها رجس، والرّجس محرّم.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ اللحم إذا أطلق يشمل جميع أجزاء البدن لأنّه بالإتّفاق والإجماع أنّ الحمير حرام سواء كانت لحمًا أي هبرًا كما يعرف أو كبدًا أو كرشًا أو أمعاء، كلّها تسمّى لحمًا في الشّرع.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز لحوم الحمر الوحشيّة من أين تؤخذ؟ تؤخذ من القيد الأهليّة وهل التّحريم من أجل أنّ الناس محتاجون إلى ظهورها يركبنوها ويحملون عليها فإذا أبيحت ضاقت على النّاس أو أنّ التّحريم من أجل أنّها خبيثة؟ الثاني، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ولأنّ العلّة الأولى منتقضة، الناس إلى ظهور الإبل أحوج وأكثر حاجة ومع ذلك فالإبل مباحة، الناس إلى البقر في الحرث أشدّ حاجة من الحمر ومع ذلك فهي مباحة، والصّواب ما علّل به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أمّا خوفًا أن يضيق على النّاس ظهورهم فهذا غير صحيح.
من فوائد هذا الحديث: أنّ كلّ رجس حرام لأنّ ... يا سمير؟ لأنّه؟
الطالب : ...

الشيخ : لأنّها رجس، تمام، إذن كلّ رجس حرام وهذا كالآية الكريمة { قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّما على طاعم يطعمه إلاّ أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير فإنّه رجس } إذن نأخذ يا إخوان من هذا " كلّ نجس فهو حرام " واضح؟ طيب.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ جميع أجزاء الحمر نجسة بولها، روثها، ريقها، عرقها، ما يخرج من جسدها من صديد أو غيره لعموم قوله: "فإنّها رجس" وهذا هو المشهور من المذهب، مذهب الحنابلة، حتى لو شرب الحمار من ماء وهو قليل صار الماء نجسًا وإن لم يتغيّر، ولكن يعارض هذا أنّ القول كلّما يتّصل بالحمير فإنّه نجس يعارضه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال في الهرّة إنّها ليست بنجس، وعلّل بأنّها من الطّوّافين، ومعلوم أنّ تطواف الحمير على النّاس أكثر من تطواف الهرّة والعلّة ثابتة في الهرّة وموجبة للتطهير وكذلك العلّة في الحمر، وهذا القول هو الصّحيح ويدلّ لهذا أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه كانوا يركبون الحمير وراكب الحمار لا يخلو من بلل إمّا عرق منه أو من الحمار أو إصابة ماء السّماء أو غير ذلك ثمّ الحمر تشرب وتنفض رأسها بعد الشّرب ويتطاير الماء على من حولها، وهذا لا شكّ أنّ فيه مشقّة لا سيما على من يمارسها كثيرًا والدّين لا يأتي بمشقّة إنّما هو رفع للحرج والمشقّة، وهذا القول هو القول الرّاجح أنّ ريقها وما يخرج من أنفها وما يخرج من عينها من دمع وعرقها كلّه طاهر، لأنّ هذه الحمر من الطّوّافين عليهم وقد قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام في الهرّة: "إنّها من الطّوافين عليكم".
المؤلّف اقتصر على هذا القدر من الحديث ولم يذكر أنّهم صاروا يذبحونها وأنّ القدور تغلي فيها وأنّ الرّسول أمر أن تكفأ القدور وأمر أن تكسر، ولكنّهم طلبوا من أن تغسل فقال: "أو اغسلوها" هذا الحديث بقيّته يدلّ على أنّ الاستمرار في ما ثبت تحريمه محرّم حتى وإن كان مباحًا في أوّل الأمر، إذا ثبت التّحريم حرم الاستمرار ومعلوم الآن أنّه ليس هناك شيء يكون أوّلًا حلالًا ثمّ يكون حرامًا لكن ينبني على هذا فيما لو علم الإنسان بتحريم شيء أثناء ملابسته له، فهل يجب عليه التّخلّي فورًا؟ الجواب نعم، يعني لو أنّ إنسانًا صار لابسًا حريرًا يظنّ أنّ لبس الحرير حلال ثمّ قيل له أنّ لبس الحرير حرام يجب عليه في الحال أن يخلعه، لكن طبعًا إذا كان لديه ثوب يستر به عورته وإلاّ انتظر حتّى يجد ثوبًا، وكذلك لو قيل له أنّ الشّراب الذي تشربه الآن حرام مثل ما يوجد في بعض المشروبات يظنّ أنّها حلال وهي حرام في غير بلادنا، بلادنا والحمد لله لا يرد عليها إلاّ شيئًا مختبرًا، وقت الأسئلة؟

Webiste