تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد الآية : (( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيب... - ابن عثيمين ثم قال الله عز وجل:  ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب  إلى آخره . يستفاد من هذه الآية فوائد، أولا: أنه ليس كل من أعطي علما يوفق للعلم به، لقوله: ...
العالم
طريقة البحث
فوائد الآية : (( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ... )) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال الله عز وجل: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب إلى آخره . يستفاد من هذه الآية فوائد، أولا: أنه ليس كل من أعطي علما يوفق للعلم به، لقوله: يدعون إلى كتاب الله ثم يتولى . ومن فوائد الآية الكريمة: التعجب من هؤلاء وما أعظم التعجب أن يعطيهم الله العلم ثم بعد ذلك لا يقبلون على كتاب الله عز وجل . ومن فوائدها: أن هؤلاء قد قامت عليهم الحجة بكونهم دعوا وهذا هو محط الذم، هذا محط الذم، أما لو لم يدعون ولم يعلموا بالحق فإنهم لا يذمون على ذلك إذا لم يفرطوا بطلب الحق . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الواجب التحاكم إلى كتاب الله، لقوله: يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم . ومن فوائدها: أنه لا حكم إلا لله بما جاء في كتابه، فلا أحد من الحكام يستطيع أن يشرع أحكاما مخالفة لأحكام الله بل من شرع مخالفة لأحكام الله وألزم العباد بها فهو كافر بالله عزوجل، كافر اللهم إلا أن يعذر بتأويل سائق فهذا قد يخرجه من الكفر، لكن فعله من حيث هو فعل يؤدي إلى كفره . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الحكم في كتاب الله يكون في كل شيء كالعبادات والمعاملات والأخلاق والأعمال كل شيء، لأنه لم يخصص بل ليحكم بينهم في كل شيء . ويتفرع على هذه الفائدة: الرد على من قال: إن الشرع إنما جاء لتنظيم العبادات فقط أما المعاملات فهي للخلق واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ورأى الناس يعبرون النخل ـ معنى يعبرونها: يلقحونها ـ فقال عليه الصلاة والسلام: ما أرى ذلك يغني شيئا هذا أو معناه فتركوا التعبير ففسدت التمر، لأن النخل إذا لم يعبر فسدت، فلما فسدت الثمار جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبرونه فقال: أنتم أعلم بأمور دنياكم قالوا: فوكل علم أمور الدنيا إليهم بل جعلهم أعلم منه بهذا، وعلى هذا فأمور الدنيا لا يتدخل فيها الشرع، ولكن هذا فهم خاطئ، فهم خاطئ باطل، وذلك لأن أمور الدنيا إما أحكام شرعية كالتحليل والتحريم فهذه مرجها إلى الشرع، وإما أمور فنية تدرك بالتجارب والتعلم فهذه مرجعها إلى أهل الخبرة، فكم من عالم عنده علم غزير واسع في أمور الشرع لا يستطيع أن يصنع بابا ولا إبرة ويأتي رجل جاهل من أجهل ويستطيع أن يصنع بابا من أحسن الأبواب وإبرة من أحصل الإبر أليس كذلك؟ بلى، ومسألة الصحابة رضي الله عنهم في التعبير مسألة حكمية أو مسألة فنية ؟ فنية بلاشك تدرك بالتجارب والنبي عليه الصلاة والسلام كما نعلم ولد بمكة ومكة ليست ذات نخل ولا يعلم عن هذا شيئا فصار أهل المدينة الذين مارسوا التجارب في هذه الأمور صاروا أعلم منه بذلك، أما مسألة الشرعية فلاشك أن الله ورسوله أعلم، المهم أن الحكم لمن ؟ لله ولا يجوز أن يكون الحكم لأي شيء سوى الله . فإن قال قائل: ألستم ترجعون إلى العرف في أمور كثيرة ؟ بلى، لكن من الذي رجعنا إلى العرف؟ الشرع، إتيان العرف عاشروهن بالمعروف أمسكوهن بالمعروف أو فارقوهن بالمعروف فالشرع هو الذي أمرنا أن نرجع إلى العرف، وإّذا أمرنا أن نرجع إلى العرف رجعنا إليه وحكمناه، ولهذا إذا تنازع الزوجان في قدر النفقة لا نذهب إلى الكتاب الفلاني أو الكتاب الفلاني البخاري أو مسلم أو أبو داود أو ما أشبه ذلك لا نرجع إلى هذا، نرجع إلى من ؟ إلى أهل الخبرة في العرف في كل زمان ومكان بحسبه، إذا الحكم فيما رد إلى العرف لمن؟ للشرع ، الحكم للشرع هو الذي أمرنا أن نرجع إلى العرف فأهل العرف حكموه . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن هؤلاء الذين دعوا إلى كتاب الله ممن أوتوا نصيبا من الكتاب لم يتولوا جميعا بل تولى فريق منهم، والأمر كذلك فإن كثيرا من اليهود والنصارى أسلموا وحسن إسلامهم وكان لهم قدم صدق في الإسلام . ومن فوائد الآية الكريمة: ذم من يتولى بإعراض، لقوله: ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ، لأن التولي كما ذكرنا في التفسير قد يكون عن إعراض وقد يكون عن غير إعراض، والتولي مذموم كله لكن إذا كان عن إعراض وعدم مبالاة كان أشد .

Webiste