تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول المصنف : ومن أصول أهل السنة والجماعة... - ابن عثيمينالشيخ : " والإيمان قول وعمل " فما هو الدين؟" الدين" ما يدان به الإنسان ويطلق على العمل والجزاء.ففي قوله تعالى : { وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ...
العالم
طريقة البحث
شرح قول المصنف : ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين والإيمان قول وعمل : قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : " والإيمان قول وعمل " فما هو الدين؟
" الدين" ما يدان به الإنسان ويطلق على العمل والجزاء.
ففي قوله تعالى : { وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }، المراد بالدين هنا : يوم الجزاء، الجزاء المراد به. وقوله { مالك يوم الدين } الجزاء، وأما العمل فكقوله تعالى : { وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً } أي: عملاً تتقربون به إلى الله .
ويقال : كما تدين تدان، أي: كما تعمل تجازى. فالدين إذن يطلق على العمل، وعلى الجزاء على العمل.
والمراد به هنا في كلام المؤلف المراد به العمل.
وأما الإيمان فأكثر أهل العلم يقولون: إن الإيمان في اللغة التصديق.
ولكن في هذا نظر، لأن الكلمة إذا كانت بمعنى الكلمة، فإنها تتعدى بتعديتها، تفسر الكلمة اللازمة بكلمة لازمة، والمتعدية بكلمة متعدية.
ومعلوم أن التصديق يتعدى بنفسه، والإيمان لا يتعدى بنفسه. فتقول مثلاً : صدقته، ولا تقول: آمنته! بل تقول : آمنت به، أو آمنت له.
لكن صدق تتعدى بنفسها، فلا يمكن أن نفسر فعلاً لازماً لا يتعدى إلا بحرف الجر وهو آمن بفعل متعد ينصب المفعول به بنفسه.
ثم إن كلمة صدقت لا تعطي كلمة آمنت، فإن آمنت تدل على طمأنينة بخبره أكثر من صدّقت.
ولهذا، لو فسر الإيمان بالإقرار، لكان أجود وأحرى.
فنقول : الإيمان: الإقرار، ولا إقرار إلا بتصديق، فتقول : أقر به، كما تقول ايش؟ آمن به، وأقر له كما تقول آمن له.
طيب هذا في اللغة.
أما في الشرع فقال المؤلف رحمه الله : " قول وعمل" الإيمان قول وعمل، وهذا تعريف مختصر، ويبسط فيقال: قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان، أي بالقلب، وهذا التعريف المبسوط.
أما التعريف المختصر فنقول قول وعمل : قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، شوف المؤلف جعل للقلب قولاً. وجعل للسان قولاً.
أما قول اللسان، فالأمر فيه واضح، لكن ما قول القلب؟ قول القلب، اعترافه وتصديقه هذا قوله، قول القلب اعترافه بالشيء واطمئنانه به وتصديقه هذا قوله.
وأما عمل القلب: فهو عبارة عن تحركه وإرادته، مثل الإخلاص في العمل، هذا عمل قلب ولا قول قلب؟ عمل قلب، لأنه قصد قصد وجه الله، التوكل عمل قلب، والرجاء عمل قلب، الخوف عمل قلب، الأمن من مكر الله لكنه ليس من الإيمان بل هو حرام عمل قلب.
المهم أن العمل ليس مجرد الطمأنينة في القلب، بل هناك حركة في القلب حركة توكل رجاء خوف، وما أشبه ذلك.
عمل اللسان، اللسان له عمل؟ ويش عمله؟ هو قوله هو قوله، لكن إن قلنا إن عمل اللسان قوله صار في كلام المؤلف تكرار، لأنه قال بالأول قول اللسان، لكن يمكن أن نقول : إن مراد المؤلف بقوله " عمل اللسان " أي حركة اللسان، أليس اللسان يتحرك عند القول؟ فيكون قول اللسان ما يسمع، وعمل اللسان حركة اللسان، ومعلوم أن القول يتكون من حركة اللسان وحركة اللحيين والشفتين، أليس كذلك؟
طيب، إذن نقول حركة هذه الأعضاء تدخل في الإيمان، لأنها عمل.
الجوارج عمل ولا لا؟ عمل، عمل الجوارح واضح، ركوع، سجود ، قيام ، قعود، مشي نعم وهكذا هذا عمل الجوارج.
كيف يكون عمل الجوارح إيمانا ؟ نقول : نعم شرعا يكون إيمانا، لأن الحامل لهذا العمل هو الإيمان، لولا إيمان الإنسان ما عمل.
فإذا قال قائل : أين الدليل على أن الإيمان يشمل هذه الأشياء الأربعة؟
فنقول استمع إليه : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره"، هذا ايش؟ هذا لكن من أي الأربعة هذه؟ هذا لا، قول القلب، هذا قول القلب، لأن إيمانه يعني طمأنينته وتصديقه هذا قوله. طيب.
عمل القلب واللسان والجوارح، ما دليله؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الإيمان بضع وسبعون شعبة" الإيمان شف "الإيمان بضع وسبعون وشعبة أعلاها : قول لا إله إلا الله" هذا قول اللسان وعمله ولا لا؟ وعمله، لأن قول اللسان حركة لا بد فيه من عمل "وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق" هذا عمل الجوارح "والحياء شعبة من الإيمان" الحياء انكسار يصيب الإنسان ويعتريه عند وجود ما يستلزم الحياء فهو عمل قلبي.
فتبين بهذا أن الإيمان يشمل هذه الأشياء الثلاثة شرعا.
وقال تعالى : { وما كان ليضيع إيمانكم } قال المفسرون : أي صلاتكم إلى بيت المقدس، فسمى الله تعالى الصلاة إيمانا مع أنها عمل، عمل جوارح وعمل وقول لسان، وسماها الله تعالى إيمانا.
طيب، إذن الإيمان يشمل كم شيء؟ ثلاثة أو أربعة؟ إقرار القلب وعمله، وقول اللسان وعمل الجوارح، ولنجعل عمل اللسان داخلا في قول اللسان، فيكون يشمل أربعة أشياء.
هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة.
وشموله لهذه الأشياء الأربعة لا يعني أنه لا يتم إلا بها، بل قد يكون الإنسان مؤمناً مع تخلف بعض الأعمال، ولكنه ينقص إيمانه بقدر ما نقص من عمله.
عند المرجئة يقولون : إن الإيمان هو تصديق القلب فقط، يعني الإقرار الإيمان إقرار فقط، وما عدا ذلك، فليس من الإيمان.
ولهذا عندهم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، لأنه إقرار القلب، والناس فيه سواء، والإنسان الذي يعبد الله آناء الليل والنهار كالذي يعصي الله آناء الليل والنهار عندهم ما دامت معصيته لا تخرجه من الإيمان لا تخرجه من الدين، فيقولون إن الإيمان هو التصديق.
فلو وجدنا رجلاً يشرب الخمر ويسرق ويزني ويعتدي على الناس، ورجلاً آخر متقياً لله بعيداً عن هذه الأشياء كلها، يقول المرجئة : إنهما في الإيمان سواء، بل وفي الرجاء في رجاء الثواب سواء، كل منهما لا يعذب، لأن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان.
على العكس من ذلك الخوارج والمعتزلة، قالوا : إن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وأنها شرط في بقائه، شرط في بقائه، فمن فعل معصية من الكبائر خرج من الإيمان.
لكن الخوارج عندهم شجاعة يقولون كفر، والمعتزلة يداهنون، فيقولون : هو في منزلة بين منزلتين، لا نقول: مؤمن، ولا نقول: كافر، بل نقول: خرج من الإيمان وين راح؟ صار في منزلة بين منزلتين. فهذه أقوال الناس في الإيمان.
أهل السنة والجماعة يقولون: إن الإيمان قول وعمل وفصله المؤلف وسمعتم أدلته.
قال : " وأن الإيمان " أي ومن أصول أهل السنة والجماعة.

Webiste