تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم... - ابن عثيمينالشيخ : فيستفاد من هذا الحديث عدة فوائد: أولاً: حسن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم حيث يوجه الخطاب إلى من هم أولى به، إلى من هم أولى به.ومن فوائده: أن ال...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ... ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : فيستفاد من هذا الحديث عدة فوائد: أولاً: حسن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم حيث يوجه الخطاب إلى من هم أولى به، إلى من هم أولى به.
ومن فوائده: أن الشاب القادر على الزواج يجب عليه أن يتزوج لقوله صلى الله عليه وسلم : فليتزوج واللام للأمر والأصل في الأمر الوجوب، وإلى هذا ذهب كثير من أهل العلم على أن القادر على الزواج يجب عليه أن يتزوج، لأن الأصل في الأوامر الوجوب، ولما فيه من المصالح العظيمة.
وقال بعض أهل العلم: إن الأمر هنا للاستحباب، وعللوا ذلك بأن النكاح أمر تعود مصلحته إلى الفاعل، وهي مصلحة جسدية متعلقة بالشهوة، فيكون الأمر للإرشاد فقط، أي للاستحباب، ولكن الصحيح أنه أن الأمر للوجوب، وذلك لأن النكاح عبادة النكاح عبادة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، ولأنه من سنن المرسلين كما قال الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ولقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن حاله: وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني .
ولكن الفقهاء رحمهم الله قسّموا النكاح إلى عدة أقسام فقالوا: إنه واجب وحرام ومكروه ومُباح ومسنون على حسب ما تقتضيه الحال، والأصل فيه عند الفقهاء السنية ولا يجب إلا لسبب، فما هو الواجب؟ قالوا: النكاح الواجب على من يخاف الزنا بتركه، فالذي يخاف الزنا إذا تركه يجب عليه أن يتزوج، والعلة لأن فيه وقاية من الوقوع في الحرام، والحرام واجب الاجتناب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإذا خاف الزنا على نفسه وجب عليه أن يتزوج، وهذا جزء من القول الذي أشرنا إليه آنفاً وهو وجوب النكاح على من استطاعه لأن القائلين بالوجوب يقولون: يجب وإن لم يخف الزنا ما دام فيه شهوة فإنه فيجب عليه أن يتزوج وإن لم يخف الزنا.
ويكون حرامًا إذا كان في دار الحرب، - يرحمك الله - يكون حراماً في دار الحرب، يعني مثلاً لو أننا ننقاتل الكفار ونحن الآن في بلاد الكفار نقاتلهم فإن النكاح هنا يحرم، لأنه يخشى من استرقاق الولد ربما يستولي الكفار علي المسلمين ويسبوا ذريتهم فيسترقون أولادهم، وما لا يتم دفع الحرام إلا به فهو واجب، إذن فاجتناب النكاح واجب نعم، لكن قالوا: إذا كانت هناك ضرورة بأن خاف الزنا بتركه فحينئذٍ يجوز.
ويكره لإنسان فقير ليس له شهوة، الإنسان الفقير الذي ليس له شهوة يكره أن يتزوج لماذا؟ لأن هذا الزواج لا يستفيد منه إلا الإرهاق، يرهق نفسه بالإنفاق على زوجته ورعايتها، وهذا لا شك أنه شاق لا داعي له ما دام الرجل ليس فيه شهوة فإنه لا حاجة للتزوج.
طيب ايش بقي عندنا؟
الطالب : المستحب .

الشيخ : المستحب، نخلي المستحب للأخير .
المباح، لإنسان له شهوة ولكن لا مال له، فهنا نقول: يباح لك وذلك لأنك غير قادر على الباءة، فإذا تزوجت واستقرضت للزواج فهذا مباح، لكنه ليس مستحبًا بل هو من باب المباح، وكذلك الإنسان الذي عنده مال وليس له شهوة فالنكاح في حقه من قسم المباح، من قسم المباح لأنه ليس فيه ما يدعو إلى النكاح لكن إذا تزوج صار فيه مصلحة، فالزوجة تخدمه وهو أيضًا يعف الزوجة ويحصل فيه مصالح لها.
المسنون هو الأصل، المسنون هو الأصل، ولذلك نجد أن الأحكام الأربعة الأخرى كلها تحتاج إلى إيش؟ إلى سبب يحولها من الاستحباب إلى الوجوب أو التحريم أو الكراهة أو الإباحة.
من فوائد هذا الحديث: حسن تعليم الرسول عليه الصلاة والسلام وبيانه لأمته، وهو أنه إذا ذكر الحكم ذكر علته، لأن ذكر العلة فيها فوائد ثلاث :
الفائدة الأولى: بيان سمو الشريعة وعلوها، وأن أحكامها كلها مبنية على رعاية المصالح.
الفائدة الثانية: زيادة طمأنينة المخاطب، لأن المخاطب إذا عرف الحكمة اطمأن إلى الحكم أكثر وصار في ذلك أيضاً - عبد المجيد - يكون فيه أيضاً زيادة حث له، لمن؟ للمخاطب، لأنه إذا عرف الحكمة واطمأن فإن ذلك يزيده رغبة في هذا الحكم، ولهذا قوله عليه الصلاة والسلام هنا: فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج لا شك أنه يرغب الإنسان في النكاح.
الفائدة الثالثة إيش؟ قياس ما شارك هذا في المعنى، قياس ما شارك الحكم في المعنى أو المحكوم به في المعنى، فإننا إذا وجدنا هذه العلة في شيء آخر قلنا: هذا حكمه حكم هذا الذي علل بهذه العلة، ووجه ذلك: أن الشريعة الإسلامية لكمالها واطرادها لا تفرق بين إيش؟ بين متماثلين كما أنها لا تجمع بين المتفرقين، فإذا كانت العلة هذه علة الحكم المذكور ثابتة في مكان آخر نُقل حكم هذا المذكور إلى ذلك المكان الآخر، لأننا نعلم أن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين المتماثلين.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: أن غض البصر مطلوب أن غض الإنسان بصره مطلوب، لأنه إذا كان قد أمر بالنكاح من أجل غض البصر صار سبب الحكم أولى بالحكم من المسبَّب ، فإذا كان يؤمر بالنكاح لغض البصر صار غض البصر مأموراً به ، هذا بغض النظر عن قوله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن لكن نريد أن نأخذ الحكم من هذا الحديث.
ومن فوائد الحديث أيضاً: مشروعية تحصين الفرج لقوله : وأحصن للفرج .
ومن فوائد الحديث: تجنب كل ما يوجب إطلاق البصر أو وقوع الفرج في السواقط، وجه ذلك: أنه إذا أُمر بالنكاح من أجل منفعة غض البصر وتحصين الفرج، فإن ما يوجب خلاف ذلك يكون منهياً عنه، ويتفرع على هذه القاعدة: أن الإنسان إذا وجد من نفسه افتتاناً لمطالعة بعض الصحف التي تشتمل على صور فإنه يجب عليه أن يتجنب ذلك، لأن هذا ربما يدعوه إلى إطلاق البصر أو إلى فعل الفاحشة نسأل الله العافية.
ومن فوائد الحديث: جواز الاقتصار على بعض الحكمة إذا كان المقام يقتضي ذلك، من أين يؤخذ؟ من أن النبي صلى الله عليه وسلم علل الأمر بالتزوج بأنه أغض للبصر وأحصن للفرج مع أن فيه علة أخرى ينظر إليها الشارع نظرة هامة وهو؟
الطالب : كثرة النسل.

الشيخ : كثرة النسل والأولاد، لكن لما كان يخاطب الشباب، والشباب لا يهتم في أول الأمر إلا بما يتعلق بالشهوة وتحصين الفرج وغض البصر، علل بالعلة المناسبة للمخاطب وهم الشباب.
ومن فوائد هذا الحديث: حكمة الرسول عليه الصلاة والسلام فيما إذا تعذر الشيء حساً أو شرعاً فإنه صلى الله عليه وسلم يذكر البديل عنه، من أين يؤخذ ؟
الطالب : ومن لم يستطع .

الشيخ : ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإذا لم يمكنك القيام بالنكاح قدراً لكونك معسرًا فعليك بالصوم.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا ينبغي للإنسان أن يستقرض ليتزوج، لا ينبغي له أن يستقرض ليتزوج وجه الدلالة: أنه قال: من لم يستطع فعليه بالصوم ، ولم يقل: فليستقرض، أو فليستدن، طيب ويدل لهذا أيضًا قوله تعالى: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله يعني بدون واسطة، لم يقل: حتى يغنيهم الله بأي وسيلة، قال: حتى يغنيهم الله من فضله وهذا لا يحصل إلا بالغنى، ويدل لذلك أيضاً حديث سهل بن سعد رضي الله عنه في قصة المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يردها، فقال بعض القوم: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام : يسأله هل عنده صداق؟ قال: إزاري وليس له رداء، الرجل عليه إلى إزار بقية جسمه من فوق عاري قال: إزارك إن أعطيتها إياه بقيت لا إزار لك، وإن استمتعت به لم يكن لها فائدة منه، إذن لا يصلح، فقال: التمس، فذهب الرجل التمس ما وجد ولا خاتم من حديد، قال: معك شيء من القرآن؟ قال: نعم كذا وكذا، فقال: ملكتكها بما معك من القرآن ، ولم يقل له صلى الله عليه وسلم: استقرض أو استدن، فدل هذا على أنه لا ينبغي لمن ليس عنده مؤونة النكاح أن يستقرض.
طيب ما هي الحكمة لو قال قائل: ما هي الحكمة في أنه لا يستقرض، أليس هذا من مصالح الإنسان؟
نعم نقول: بلى، لكن الاستقراض ذل ذل، يكسب الإنسان ذلًّا وانكساراً، لا سيما إذا رأى من أقرضه فإنه يراه ويتصور أنه عبد له، لذلك لم يرشد النبي عليه الصلاة والسلام من لم يجد أن يستقرض.
ومن فوائد الحديث: تحريم الاستمناء الذي يسمونه العادة السرية، وجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشد إليه عند عدم القدرة على الباءة، ولو كان جائزاً لأرشد إليه، لأنه أهون من الصوم بلا شك، ولأن الإنسان يجد فيه متعة، والصوم لا يجد فيه إلا ألم الجوع والعطش بخلاف هذا الفعل، وإذا كان من عادة النبي عليه الصلاة والسلام أنه لم يخير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً كان في ذلك دليل على أن الاستمناء فيه إثم لأنه أيسر الأمرين من الصوم أو الاستمناء، فلما لم يختره عُلم أنه إثم، نعم .

Webiste