تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما حكم كرامات الأولياء ؟ - الالبانيالسائل : يعني مثلًا راحوا يدفنونه فوجدوا مثلًا ذهب في القبر ، أو مثلًا الكرامات حقت إخوان ... ؛ فماذا يعني صحة الحديث هذا ؟الشيخ : ... نحن ذكرنا لكم الآ...
العالم
طريقة البحث
ما حكم كرامات الأولياء ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : يعني مثلًا راحوا يدفنونه فوجدوا مثلًا ذهب في القبر ، أو مثلًا الكرامات حقت إخوان ... ؛ فماذا يعني صحة الحديث هذا ؟

الشيخ : ... نحن ذكرنا لكم الآن كرامة ، الكرامة في الجملة لا يجوز إنكارها ، فهي فريدة للمؤمنين الصَّالحين في كلِّ زمان وفي كلِّ عصر ، ولذلك قال قائلهم من أهل العلم :
" وأثبتَنْ للأوليا الكرامَةْ *** ومَن نفاها فانبذَنْ كلامَهْ "
إلا أنه مع الأسف الذي وقع أن الناس غلوا في حكاية الكرامات عن الأولياء والصالحين ؛ بحيث أنهم أصبحوا يروون كرامات هي لو تأمَّلنا فيها إهانات وليست كرامات ؛ هذا مبثوث في بطون الكتب ، عرفَها من درسَها ، لكن أصل الكرامة ثابتة بالكتاب والسنة ؛ ففي القرآن - مثلًا - : { كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًا قال أنى لك هذا قالت هو من عند الله } ، فهذه كرامة من الله - عز وجل - للسيدة مريم ، كانت تجد الطعام أو الثمار الطَّازجة الجديدة في بيتها دون أي يد منها .
كذلك { وهزي إليك بجذع النخل تساقط عليك رطبًا جنيًّا } فهي إذًا كرامة ، ثم لم تزل الكرامات يعني تترى وتروى وبالأحاديث الصحيحة ؛ بحيث إنه لا يمكن للإنسان أن ينكر شيئًا منها لا فيما قبل النبوة ولا فيما بعد الرسالة ، ففي زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقعت كرامات متعدِّدة لبعض الصحابة ، كذلك وقعت لمن قبلهم ، فلعلكم تذكرون معي قصَّة الغار للثلاثة الذين أووا في الغار ، قال - عليه الصلاة والسلام - : "بينما ثلاثة نفر ممَّن قبلكم يتمشَّون إذ أصابهم المطر ، فأووا إلى غار في جبل ، فانحطَّت على فم غارهم صخرةٌ من جبل فانطبقت عليهم ، فقال بعضهم : يا هولاء ، انظروا أعمالًا عَمِلْتُموها صالحةً لله فادعوا الله بها ؛ لعل الله يفرجها عنكم ، فقام أحدهم وقال : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران وامرأتي ، وكان لي صبيةٌ صغارٌ أرعى عليهم ، فإذا أرحْتُ حلبْتُ ، فبدأت بأبويَّ قبل بنيَّ ، فنأى بي ذات يوم الشجر ، فلما أرحْتُ حلبْتُ كما كنت أحلب ، فجئتهما ، فوجدتهما قد ناما ، فقمْتُ على رؤوسهما أكرَهُ أن - أوقظ الصبية - أكره أن أوقظهما من نومهما ، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما ، والصبية يتضاغَون من الجوع عند قدميَّ ، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر" ؛ أي : ظلَّ قائمًا على رؤوس أبويه متحيِّرًا ؛ أَيُوقظهما ليسقيَهما قبل الأولاد ، لا ، في هذا إزعاج لهما ، أيسقي الأولاد وهم يتضاغون يصيحون جوعًا ؟ لا ، هذا في تقديم لحقِّ الولد على الوالدين ، فهو حيران "فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر" ، قال في تمام دُعائه وتضرُّعه إلى ربه : "اللهمَّ إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاءَ مرضاتك ففرِّج عنَّا منها فرجة نرى منها السماء ؛ فانزاحت الصخرة شيئًا قليلًا" ، صخرة معناها جبل ، جبل انحطَّ على فم غار ، ما تحرِّكها لو كان هناك آلات كالآلات التي ترونها اليوم ، ما تستطيع أن تحرِّكها ، لكن الله - عز وجل - القادر على كلِّ شيء أجاب دعاء هذا المتضرِّع ، وحرَّك الصخرة شيئًا قليلًا حتى رأوا النور ، لكن ما يستطيعون الخروج ، حتى قام الرجل الثاني فقال : "اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنةُ عمٍّ أحببتهما كأشدِّ ما يحبُّ الرجال النساء ، فطلبت منها نفسها ، فأبت ، حتى آتيها بمئة دينار ، فتعبت حتَّى جمعتُ لها مائة دينار ، فلما وقعت بين رجليها قالت : يا عبد الله ، اتَّق الله ، ولا تفتح الخاتم إلا بحقِّه ، فقمْتُ عنها ، وتركت لها المائة دينار ، فإن كنت اللهمَّ تعلم أني فعلت ذلك ابتغاءَ مرضاتك ففرِّج عنَّا منها فرجة ، فتحرَّكت الصخرة - أيضًا - شيئًا قليلًا ، ولكنهم لا يستطيعون الخروج ، حتى قام الرجل الثالث ، فقال : اللهمَّ إن كنت تعلم أني كنت استأجرْتُ أجيرًا على فَرَقٍ من أرز ، فلما قضى عملَه عرضت عليه فَرَقَه فرغب عنه ، فلم أزَلْ أزرعه حتى جمعت منه بقرًا ورعاءَها ، ثم جاءني ، فقال : يا عبد الله ، أعطني حقِّي" ، الفرق من الأرز كيل ، "فقلت له : انظر إلى تلك البقر ، فاذهَبْ وخذها ، قال : يا عبدالله ، اتَّق الله ولا تستهزئ بي ، إنما لي عندك فرق من أرز ، قال : اذهب وخذها ، فإنما تلك البقر من ذاك الفرق ، فذهب واستاقها ، فإن كنت اللهمَّ تعلم أني فعلت ذلك ابتغاءَ مرضاتك ففرِّج عنَّا ما بقي ، ففرَّج الله عنهم ما بقي ، فخرجوا يتمشَّون" ، هذه كرامة ، ومثلها الشيء الكثير والكثير جدًّا .
بعض الصحابة جاء بعضهم شهدوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هزيع متأخر من الليل ، والليل ظلمة ، فكانت مع أحدهم عصا ، فكانت تُضيء الطريق أمامه عشر أضواء في عشر أضواء ؛ كأن هناك قنديل مصباح منير ، حتى وصلوا إلى الدار ، فالكرامات الصحيحة لا يُمكن إنكارها إطلاقًا ، ولكن - كما أشرت آنفًا - توسَّع الناس في رواية الكرامات حتى صارت إهانات !!

Webiste