أسمع عن الأولياء و أسمع عن الكرامات التي تحصل لبعض الأتقياء . فحدثونا عن صحة ذلك ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : السائل من المغرب فضيلة الشيخ يقول أرجو من فضيلة الشيخ أن يحدّثني عن ما يأتي، أولا أسمع عن الأولياء هذه الفقرة الأولى وأسمع عن الكرامات التي تحصل لبعض الأتقياء فهل لكم أن تحدثونا عن صحة ذلك مأجورين؟
الشيخ : أولا يجب أن نعلم من هم الأولياء؟ من هم أولياء الله؟ فنقول أولياء الله سبحانه وتعالى من ذكرهم الله في قوله أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ * الَّذينَ ءامَنوا وَكانوا يَتَّقونَ فمن كان مؤمنا تقيا كان لله وليا سواء أشهره العامة وزعموه وليا أم كان خفيّا عن الناس لا يحب أن يظهر فالولي هو المؤمن التقي هذه واحدة.
ثانيا هل لكل ولي كرامة؟ والجواب لا، ليس لكل ولي كرامة بل من الأولياء من يعطيه الله تعالى كرامة محسوسة يشهدها بنفسه ويشهدها الناس ومن الناس من يجعل الله كرامته زيادة إيمانه وتقواه، وهذه الكرامة أعظم من الكرامة الأولى الحسية لأن هذه الكرامة أنفع للعبد من الكرامة الأولى إذ أن الكرامة الأولى سبب لزيادة الإيمان والتقوى وأما زيادة الإيمان والتقوى فهي الغاية ولهذا نجد أن الصحابة رضي الله عنهم تقل فيهم الكرامات بالنسبة للتابعين لأن كرامات الصحابة في زيادة إيمانهم وتقواهم والتابعون ليسوا مثل الصحابة في ذلك فلهذا كثُرت الكرامات في عهدهم أكثر من الكرامات في عهد الصحابة رضي الله عنهم.
والكرامات إما أن تكون في العلوم والمكاشفات وإما أن تكون في ظهور التأثيرات والقدرات.
فأما الأول فأن يُكشف للإنسان عن شيء لا يعلمه غيره كما ذكِر عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يخطب الناس يوم الجمعة على منبر رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم فسمعوه يقول " الجبل يا سارية، الجبل يا سارية " فتعجّبوا من ذلك فكان الأمر أن أحد القواد حوصر في مواجهة بينه وبين أعدائه فكُشف لعمر رضي الله عنه عنه وهو على المنبر فخاطبه يقول " الجبل يا سارية " فسمعه القائد فانحاز إلى الجبل فهذا توجيه من القائد الأعلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى قائد السرية أو الجيش من مكان بعيد وسمعه وليس في ذلك الوقت تلفونات هوائية ولاسلكية ولكنها قدرة الله عز وجل، هذه كرامة في المكاشفات كشف الله له ما لم يكن لغيره.
ومن ذلك أيضا الكرامة في القدرة بأن يجعل الله تعالى للإنسان قدرة لم تكن لغيره ومن ذلك ما يذكر في غزوات سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه كان يغزو الفرس فيفتح الله عليه بلادهم بلدا بعد بلد حتى وصل إلى نهر دجلة ولما وصل إلى النهر وجد أن الفرس قد أغرقوا السفن وكسّروا الجسور وهربوا إلى الجانب الشرقي من النهر فتوقف سعد رضي الله عنه ماذا يصنع فدعا سلمان الفارسي رضي الله عنه وكان ذا خبرة في أحوال الفرس وما يصنعونه عند القتال فاستشاره أي أن سعدا استشار سلمان الفارسي ماذا يصنع فقال له يا سعد ليس هناك شيء يمكن أن نعمله إلا أن ننظر في الجيش هل عندهم من الإيمان والتقوى ما يؤهلهم للنصر أو لا؟ فدعني أسبر القوم وأنظر حالهم فأمهله سعد فجعل يذهب إلى الجيش ويتفقد أحوالهم وينظر أعمالهم فوجدهم رضي الله عنهم بالليل يبيتون لربهم سجدا وقياما وفي النهار يصلحون أحوالهم ويستعدون للقتال فرجع بعد ثلاث إلى سعد بن أبي وقاص وأخبره الخبر وقال إن قوم موسى ليسوا أحق بالنصر منا فقد فلق الله لهم البحر وأنجاهم من فرعون وقومه ونحن سوف نعبر هذا النهر بإذن الله فأذّن سعد رضي الله عنه بالرحيل والتقدّم إلى النهر وقال إني مكبّر ثلاثا فإذا كبّرت الثالثة فسموا واعبروا ففعلوا فجعلوا يخوضون الماء كأنما يمشون على الصفا خيلهم ورجلهم وإبلهم حتى عبروا النهر وهو يجري يقذف بزبده فلما رءاهم الفرس قال بعضهم لبعض إنكم لا تقاتلون إنسا وإنما تقاتلون جنا فهربوا من المدائن وهي عاصمتهم حتى دخلها المسلمون وفتح الله عليهم.
هذه كرامة قدروا على أمر لا يقدر عليه البشر بمقتضى قدراتهم حيث خاضوا الماء والنهر يمشي، هكذا ذكر المؤرخون هذه القصة، هذه كرامة في القدرة وقصة عمر كرامة في المكاشفات إن الله يكشف له ما لا يُدركه غيره.
وتكون الكرامة في العلم بأن يفتح الله على الإنسان من العلم ما لا يفتحه على غيره ومن هؤلاء فيما نظن ما فتح الله به على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من العلم العظيم، العلم بالنقل والعلم بالعقل حتى إنك لتكاد أن تشك في هذه القدرة العظيمة التي أقدره الله عليها وفتح الله عليه من العلم.
ومن الكرامات ما حصل لمريم عليها السلام حين حملت بعيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة وجلست على هذا الجذع فقالت يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ هذا وَكُنتُ نَسيًا مَنسِيًّا * فَناداها مِن تَحتِها أَلّا تَحزَني قَد جَعَلَ رَبُّكِ تَحتَكِ سَرِيًّا * وَهُزّي إِلَيكِ بِجِذعِ النَّخلَةِ تُساقِط عَلَيكِ رُطَبًا جَنِيًّا قال وَهُزّي إِلَيكِ بِجِذعِ النَّخلَةِ وهي امرأة ماخض تهز بجذع النخلة فيهتز فرعها ومن المعلوم أن الهز بجذع النخلة حسب العادة لا يمكن أن يهتز به فرع النخلة لكن اهتز فرع النخلة وتساقط منه الرُطب والنخلة لا شك أنها فوق قامة الإنسان لأنها لو كانت بقدر القامة لتناولت الرطب بيدها هذا من ءايات الله وهو من كرامة مريم عليها السلام.
السائل : شكر الله لكم يا فضيلة الشيخ وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.
أيها الإخوة الأحباب أيها الإخوة المستمعون الكرام أجاب على أسئلتكم فضيلة الشيخ محمد.
الشيخ : أولا يجب أن نعلم من هم الأولياء؟ من هم أولياء الله؟ فنقول أولياء الله سبحانه وتعالى من ذكرهم الله في قوله أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ * الَّذينَ ءامَنوا وَكانوا يَتَّقونَ فمن كان مؤمنا تقيا كان لله وليا سواء أشهره العامة وزعموه وليا أم كان خفيّا عن الناس لا يحب أن يظهر فالولي هو المؤمن التقي هذه واحدة.
ثانيا هل لكل ولي كرامة؟ والجواب لا، ليس لكل ولي كرامة بل من الأولياء من يعطيه الله تعالى كرامة محسوسة يشهدها بنفسه ويشهدها الناس ومن الناس من يجعل الله كرامته زيادة إيمانه وتقواه، وهذه الكرامة أعظم من الكرامة الأولى الحسية لأن هذه الكرامة أنفع للعبد من الكرامة الأولى إذ أن الكرامة الأولى سبب لزيادة الإيمان والتقوى وأما زيادة الإيمان والتقوى فهي الغاية ولهذا نجد أن الصحابة رضي الله عنهم تقل فيهم الكرامات بالنسبة للتابعين لأن كرامات الصحابة في زيادة إيمانهم وتقواهم والتابعون ليسوا مثل الصحابة في ذلك فلهذا كثُرت الكرامات في عهدهم أكثر من الكرامات في عهد الصحابة رضي الله عنهم.
والكرامات إما أن تكون في العلوم والمكاشفات وإما أن تكون في ظهور التأثيرات والقدرات.
فأما الأول فأن يُكشف للإنسان عن شيء لا يعلمه غيره كما ذكِر عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يخطب الناس يوم الجمعة على منبر رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم فسمعوه يقول " الجبل يا سارية، الجبل يا سارية " فتعجّبوا من ذلك فكان الأمر أن أحد القواد حوصر في مواجهة بينه وبين أعدائه فكُشف لعمر رضي الله عنه عنه وهو على المنبر فخاطبه يقول " الجبل يا سارية " فسمعه القائد فانحاز إلى الجبل فهذا توجيه من القائد الأعلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى قائد السرية أو الجيش من مكان بعيد وسمعه وليس في ذلك الوقت تلفونات هوائية ولاسلكية ولكنها قدرة الله عز وجل، هذه كرامة في المكاشفات كشف الله له ما لم يكن لغيره.
ومن ذلك أيضا الكرامة في القدرة بأن يجعل الله تعالى للإنسان قدرة لم تكن لغيره ومن ذلك ما يذكر في غزوات سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه كان يغزو الفرس فيفتح الله عليه بلادهم بلدا بعد بلد حتى وصل إلى نهر دجلة ولما وصل إلى النهر وجد أن الفرس قد أغرقوا السفن وكسّروا الجسور وهربوا إلى الجانب الشرقي من النهر فتوقف سعد رضي الله عنه ماذا يصنع فدعا سلمان الفارسي رضي الله عنه وكان ذا خبرة في أحوال الفرس وما يصنعونه عند القتال فاستشاره أي أن سعدا استشار سلمان الفارسي ماذا يصنع فقال له يا سعد ليس هناك شيء يمكن أن نعمله إلا أن ننظر في الجيش هل عندهم من الإيمان والتقوى ما يؤهلهم للنصر أو لا؟ فدعني أسبر القوم وأنظر حالهم فأمهله سعد فجعل يذهب إلى الجيش ويتفقد أحوالهم وينظر أعمالهم فوجدهم رضي الله عنهم بالليل يبيتون لربهم سجدا وقياما وفي النهار يصلحون أحوالهم ويستعدون للقتال فرجع بعد ثلاث إلى سعد بن أبي وقاص وأخبره الخبر وقال إن قوم موسى ليسوا أحق بالنصر منا فقد فلق الله لهم البحر وأنجاهم من فرعون وقومه ونحن سوف نعبر هذا النهر بإذن الله فأذّن سعد رضي الله عنه بالرحيل والتقدّم إلى النهر وقال إني مكبّر ثلاثا فإذا كبّرت الثالثة فسموا واعبروا ففعلوا فجعلوا يخوضون الماء كأنما يمشون على الصفا خيلهم ورجلهم وإبلهم حتى عبروا النهر وهو يجري يقذف بزبده فلما رءاهم الفرس قال بعضهم لبعض إنكم لا تقاتلون إنسا وإنما تقاتلون جنا فهربوا من المدائن وهي عاصمتهم حتى دخلها المسلمون وفتح الله عليهم.
هذه كرامة قدروا على أمر لا يقدر عليه البشر بمقتضى قدراتهم حيث خاضوا الماء والنهر يمشي، هكذا ذكر المؤرخون هذه القصة، هذه كرامة في القدرة وقصة عمر كرامة في المكاشفات إن الله يكشف له ما لا يُدركه غيره.
وتكون الكرامة في العلم بأن يفتح الله على الإنسان من العلم ما لا يفتحه على غيره ومن هؤلاء فيما نظن ما فتح الله به على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من العلم العظيم، العلم بالنقل والعلم بالعقل حتى إنك لتكاد أن تشك في هذه القدرة العظيمة التي أقدره الله عليها وفتح الله عليه من العلم.
ومن الكرامات ما حصل لمريم عليها السلام حين حملت بعيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة وجلست على هذا الجذع فقالت يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ هذا وَكُنتُ نَسيًا مَنسِيًّا * فَناداها مِن تَحتِها أَلّا تَحزَني قَد جَعَلَ رَبُّكِ تَحتَكِ سَرِيًّا * وَهُزّي إِلَيكِ بِجِذعِ النَّخلَةِ تُساقِط عَلَيكِ رُطَبًا جَنِيًّا قال وَهُزّي إِلَيكِ بِجِذعِ النَّخلَةِ وهي امرأة ماخض تهز بجذع النخلة فيهتز فرعها ومن المعلوم أن الهز بجذع النخلة حسب العادة لا يمكن أن يهتز به فرع النخلة لكن اهتز فرع النخلة وتساقط منه الرُطب والنخلة لا شك أنها فوق قامة الإنسان لأنها لو كانت بقدر القامة لتناولت الرطب بيدها هذا من ءايات الله وهو من كرامة مريم عليها السلام.
السائل : شكر الله لكم يا فضيلة الشيخ وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.
أيها الإخوة الأحباب أيها الإخوة المستمعون الكرام أجاب على أسئلتكم فضيلة الشيخ محمد.
الفتاوى المشابهة
- شرح قول المصنف : ومن أصول أهل السنة : التصدي... - ابن عثيمين
- مناقشة عن الكرامات . - ابن عثيمين
- حقيقة وجود كرامات للأولياء - ابن باز
- التعريف بأولياء الله وكراماتهم - ابن باز
- كرامات الأولياء - اللجنة الدائمة
- الكلام عن الكرامات. - ابن عثيمين
- قول أهل السنة والجماعة في الكرامات - ابن باز
- ما حكم كرامات الأولياء ؟ - الالباني
- بيان حقيقة كرامات الأولياء - الفوزان
- نسمع كثيرا عن الكرامات وهذا الرجل من أولياء... - ابن عثيمين
- أسمع عن الأولياء و أسمع عن الكرامات التي تحص... - ابن عثيمين